الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  5- حضارة فطاني:

                  يمكن القول: إن حضارة مملكة فطاني التاريخية، بدأت مع دخول الإسلام وانتشاره في هذا الإقليم عن طريق التجار العرب المسلمين، فقد كانت فطاني طريق سفرهم إلى الصين، كما كانت طريق عودتهم أيضا، حيث كانت المدينة ميناء كبيرا [1] ، ومنه تقدم العرب إلى كمبوديا في طريقهم إلى الصين.

                  ولا يعرف بالضبط متى وصل الإسلام إلى المنطقة، فوصول أفراد قلائل شـكلوا جماعـات صغـيرة لـم يسجلها التاريخ؛ وخـاصة أنه كان تاريخ ممـالك لا شعوب، وتاريخ دول لا تاريخ دعوات، فلا يمكن أن يكون بداية وصول الإسلام بقيام دولته وامتداد سلطانه، ولكن من المعروف أن علاقة أرخبيل جزر الملايو كانت قوية مع الهند، وخاصة مع سواحلها الغربية، التي انتشر فيها الإسلام في وقت مبكر نتيجة التجارة وانتقال المراكب المستمر بينها وبين أطراف شبه الجزيرة العربية، التي انطلق منها الإسلام، إضافة إلى علاقة شبه جزيرة العرب مع الجزيرة الملايوية عن طريق التجار العرب، الذين يفدون مباشرة على ظهر سفنهم المنطلقة من بلادهم والتي تمخر عباب المحيط الهندي، الذي عرف السفن منذ زمن بعيد، كما أن الملايو على صلة مع جزيرة سومطرة المواجهة لها من جهة الغرب والتي وصل إليها الإسلام أيضا، لأن أطرافها [ ص: 67 ] الشمالية أقرب جغرافيا إلى الجهة الغربية، حيث كانت تمخر السفن الإسلامية، وتتحكم في طرق المحيط الهندي البحرية وموانئه وقواعده.

                  وعلى الرغم من صعوبة تحديد الزمن، الذي وصل فيه الإسلام إلى تلك المنطقة، إلا أن المؤكد أن وصوله كان منذ المرحلة الأولى، التي شاع فيها نور الإسلام في أراضي العرب، حيث انتقل منها بواسطة التجار، الذين قطعت سفنهم عباب البحر قادمة وذاهبة تحمل البضائع من وإلى تلك البقعة النائية من الأرض والتي تختلف منتجاتها عما تنتجه بلاد العرب [2] .

                  ويرى بعض المؤرخين الملايويين أن الدين الإسلامي وصل إلى فطاني منذ القرن العاشر أو الحادي عشر الميلادي

                  [3] ، بينما يرى بعضهم الآخر أن الإسلام وصل إلى فطاني منذ القرن السابع الميلادي، أي القرن الأول الهجري، ثم انتشر تدريجيا خلال القرون: الثاني والثالث والرابع للهجرة...

                  وعلى الرغـم من اختـلاف المؤرخـين في تاريخ دخول الإسلام إلى فطاني؛ إلا أنهم اتفقوا على أن القرن الخامس عشر الميلادي هو القرن الذي تعاظم فيه انتشار الإسلام في دولة فطاني (دار السلام)، وذلك لأن الملك البوذي (فرأيا توانكو انترا بن راج سري وانغسا)، الذي عرف فيما بعد باسم (السلطان محمد شاه)، قد دخل في دين الله الحنيف في منتصف هذا القرن، أي خلال سنة 1457م [4] . [ ص: 68 ]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية