قوله : وأنزل لكم من الأنعام عطف على " خلقكم " ، والإنزال يحتمل الحقيقة . يروى أنه خلقها في الجنة ثم أنزلها ، ويحتمل المجاز ، وله وجهان ، أحدهما : أنها لم تعش إلا بالنبات والماء ، والنبات إنما يعيش بالماء ، والماء ينزل من السحاب أطلق الإنزال عليها وهو في الحقيقة يطلق على سبب السبب كقوله :
3885 - أسنمة الآبال في ربابه وقوله :
3886 - صار الثريد في رؤوس العيدان
[ ص: 411 ] وقوله :
3887 - إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
والثاني : أن قضاياه وأحكامه منزلة من السماء من حيث كتبها في اللوح المحفوظ ، وهو أيضا سبب في إيجادها .
قوله : " يخلقكم " هذه الجملة استئنافية ، ولا حاجة إلى جعلها خبر مبتدأ مضمر ، بل استؤنفت للإخبار بجملة فعلية . وقد تقدم خلاف القراء في كسر الهمزة وفتحها وكذا الميم .
قوله : " خلقا " مصدر لـ " يخلق " و من بعد خلق صفة له ، فهو لبيان النوع من حيث إنه لما وصف زاد معناه على معنى عامله . ويجوز أن يتعلق من بعد خلق بالفعل قبله ، فيكون " خلقا " لمجرد التوكيد .
قوله : " ظلمات " متعلق بخلق الذي قبله ، ولا يجوز تعلقه بـ " خلقا " المنصوب ; لأنه مصدر مؤكد ، وإن كان جوزه ، ثم منعه بما ذكرت فإنه قال : " و " في " متعلق به أي بـ " أبو البقاء خلقا " أو بخلق الثاني ; لأن الأول مؤكد فلا يعمل " ولا يجوز تعلقه بالفعل قبله ; لأنه قد تعلق به حرف مثله ، ولا يتعلق حرفان متحدان لفظا ومعنى إلا بالبدلية أو العطف .
فإن جعلت " في ظلمات " بدلا من في بطون أمهاتكم بدل اشتمال ; لأن البطون مشتملة عليها ، وتكون بدلا بإعادة العامل ، جاز ذلك ، أعني تعلق الجارين بـ " يخلقكم " . ولا يضر الفصل بين البدل والمبدل منه بالمصدر لأنه من تتمة العامل فليس بأجنبي .
[ ص: 412 ] قوله : ذلكم الله ربكم يجوز أن يكون " الله " خبرا لـ " ذلكم " و " ربكم " نعت لله أو بدل منه . ويجوز أن يكون " الله " بدلا من " ذلكم " و " ربكم " خبره .
قوله : " له الملك " يجوز أن يكون مستأنفا ، ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر ، وأن يكون " الله " بدلا من " ذلكم " و " ربكم " نعت لله أو بدل منه ، والخبر الجملة من " له الملك " . ويجوز أن يكون الخبر نفس الجار والمجرور وحده و " الملك " فاعل به ، فهو من باب الإخبار بالمفرد .
قوله : لا إله إلا هو يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون خبرا بعد خبر .