5647 ص: فكان من الحجة لهاتين الفرقتين جميعا على الفرقة الأولى في حديث -رضي الله عنه- الذي ذكرنا: أن فيه معنيين يدلان أن لا حجة لهم فيه، فأما أحد جابر
[ ص: 17 ] المعنيين: فإن مساومة النبي -عليه السلام- -رضي الله عنه- إنما كانت على البعير ولم يشترط في ذلك لجابر ركوبا. قال لجابر جابر: "فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي".
فوجه هذا الحديث أن البيع إنما كان على ما كانت عليه المساومة من النبي -عليه السلام-، ثم كان الاستثناء للركوب من بعد وكان ذلك الاستثناء مفصولا من البيع؛ لأنه إنما كان بعده؛ فليس في ذلك حجة تدلنا كيف كان حكم البيع لو كان ذلك الاستثناء مشروطا في عقدته، هل هو كذلك أم لا؟
وأما الحجة الأخرى: فإن -رضي الله عنه- قال: جابرا المدينة أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبعير فقلت: هذا بعيرك، فقال: لعلك ترى أني إنما حبستك لأذهب ببعيرك؟! يا أعطه أوقية وخذ بعيرك فهما لك" بلال، فدل ذلك أن ذلك القول الأول لم يكن على التبايع، فلو ثبت أن الاشتراط للركوب كان في أصله بعد ثبوت هذه العلة لم يكن في هذا الحديث حجة؛ لأن المشروط فيه ذلك الشرط لم يكن بيعا، ولأن النبي -عليه السلام- لم يكن ملك البعير على "فلما قدمت -رضي الله عنه-؛ فكان اشتراط جابر للركوب اشتراطا فيما هو له مالك، فليس في هذا دليل على حكم ذلك الشرط لو وقع في بيع يوجب الملك للمشتري كيف كان حكمه. جابر