الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5233 ص: وأما حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- فإنما ذلك عندنا -والله أعلم- على أن النبي -عليه السلام- وجه أبان إلى نجد قبل أن يتهيأ خروجه إلى خيبر فتوجه أبان في ذلك،

                                                [ ص: 338 ] ثم حدث من خروج النبي -عليه السلام- إلى خيبر ما حدث، فكان ما غاب فيه أبان من ذلك عن حضور خيبر، ليس هو شغل شغله النبي -عليه السلام- عن حضورها بعد إرادته إياه، فيكون كمن حضرها.

                                                فهذان الحديثان أصلان في كل من أراد الخروج مع الإمام إلى قتال العدو، فرده الإمام بأمر آخر من أمور المسلمين فتشاغل به حتى غنم الإمام غنيمة، فهو كمن حضر مع الإمام، يسهم له في الغنيمة كما يسهم لمن حضرها، وكل شيء تشاغل به رجل من شغل نفسه أو شغل المسلمين مما كان دخوله فيه متقدما ثم حدث للإمام قتال عدو، فتوجه له فغنم، فلا حق لذلك الرجل في الغنيمة، وهي بين من حضرها وبين من حكمه حكم الحاضر لها.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا جواب عن حديث أبي هريرة الذي احتج به أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه، وهو ظاهر.

                                                وبهذا يحصل الجواب عما قاله الخطابي الذي ذكرناه آنفا.

                                                وقد أجاب الجصاص عن حديث أبي هريرة ، وقال: وهذا لا حجة فيه؛ لأن خيبر صارت دار الإسلام بظهور النبي -عليه السلام- عليها، وهذا لا خلاف فيه.

                                                وقد قيل فيه وجه آخر، وهو ما روى حماد بن سلمة ، عن علي بن يزيد ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة قال: "ما شهدت لرسول الله -عليه السلام- مغنما إلا قسم لي إلا خيبر؛ فإنها كانت لأهل الحديبية خاصة".

                                                فأخبر في هذا الحديث أن خيبر كانت لأهل الحديبية خاصة شهدوها أو لم يشهدوها دون من سواهم؛ لأن الله تعالى كان وعدهم إياها بقوله: وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها بعد قوله: وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه والله أعلم.




                                                الخدمات العلمية