الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5318 5319 ص: حدثنا ربيع المؤذن ، قال: ثنا شعيب بن الليث ، عن الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن ابن زرير ، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أهديت لرسول الله -عليه السلام- بغلة فركبها، فقال علي : -رضي الله عنه-: لو حملنا الحمير على الخيل لكان لنا مثل هذه، فقال رسول الله -عليه السلام-: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون".

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا أبو غسان ، قال: ثنا شريك ، عن عثمان ، عن سالم ، عن علي بن علقمة ، عن علي ، -رضي الله عنه-، عن النبي -عليه السلام- نحوه.

                                                التالي السابق


                                                ش: هذان طريقان صحيحان:

                                                الأول: عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ، عن شعيب بن الليث أبي عبد الملك المصري من رجال مسلم ، عن أبيه الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب سويد المصري، من رجال الجماعة، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني المصري، من رجال الجماعة، عن عبد الله بن زرير الغافقي المصري، قال العجلي: مصري تابعي ثقة.

                                                وأخرجه أبو داود: ثنا قتيبة بن سعيد، قال: ثنا الليث ... إلى آخره نحوه سواء.

                                                [ ص: 451 ] وأخرجه البيهقي في "سننه": من طريق الليث، ثم قال: رواه جماعة عنه.

                                                وقال ابن المديني عن أبي الوليد عنه كذلك.

                                                وكذا رواه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب .

                                                وشذ شعيب الصريفيني فقال: ثنا أبو الوليد، ثنا الليث ، عن يزيد ، عن عبد العزيز بن أبي الصعبة ، عن أبي أفلح الهمداني، عن عبد الله بن زرير ، عن علي -رضي الله عنه- قال: "أهديت لرسول الله -عليه السلام- بغلة فأعجبتنا، فقلت: يا رسول الله، ألا ننزي الحمر على خيلنا حتى تأتي بمثل هذه؟ فقال: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون".

                                                وكذا رواه ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب بهذا، وقال فيه: "أهدى صاحب أيلة - أو فروة - إلى رسول الله -عليه السلام- بغلته البيضاء".

                                                الثاني: عن فهد بن سليمان ، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي شيخ البخاري ، عن شريك بن عبد الله ، عن عثمان بن المغيرة، وهو عثمان بن أبي زرعة، وهو عثمان الأعشى الكوفي الثقة.

                                                عن سالم بن أبي الجعد رافع الأشجعي الكوفي الثقة، عن علي بن علقمة الأنماطي الكوفي الثقة، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث شريك ، عن عثمان بن المغيرة - وهو عثمان بن أبي زرعة - عن سالم بن أبي الجعد ، عن علي بن علقمة ، عن علي -رضي الله عنه- قال: "قيل للنبي -عليه السلام-: أننزي الحمار على الفرس؟ قال: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون".

                                                قوله: "أهديت لرسول الله -عليه السلام- بغلة" قد بين ابن إسحاق في روايته أن الذي أهداها له -عليه السلام- هو صاحب أيلة أو فروة، وكان للنبي -عليه السلام- ست بغال: بغلة شهباء

                                                [ ص: 452 ] يقال لها الدلدل أهداها له المقوقس صاحب إسكندرية، وكان -عليه السلام- يركبها في المدينة وفي الأسفار، وهي أول بغلة ركبت في الإسلام.

                                                وبغلة يقال لها فضة أهداها له فروة بن عمرو الجذامي مع حمار يقال له يعفور، فوهب البغلة لأبي بكر .

                                                وبغلة بعثها صاحب دومة الجندل ومعها جبة من سندس.

                                                وبغلة أهداها له كسرى؛ ولا يثبت هذا.

                                                وبغلة أهداها له النجاشي وكان رسول الله -عليه السلام- يركبها قاله ابن عباس .

                                                وبغلة يقال لها: أيلية، أهداها له ملك أيلة وهو ابن العلماء.

                                                قوله: "لو حملنا الحمير على الخيل" أراد به إنزاء الحمير على الخيل؛ لأجل النسل.

                                                ويستفاد منه أحكام:

                                                الأول: فيه كراهة إنزاء الحمير على الخيل كما ذهبت إليه طائفة على ما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى.

                                                الثاني: فيه جواز المهاداة سواء كانت من الملوك إلى الملوك أو من غيرهم.

                                                الثالث: فيه جواز ركوب هدية الكفار.

                                                الرابع: فيه جواز ركوب البغال.




                                                الخدمات العلمية