الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5297 ص: وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن ذلك الكافر الذي عناه النبي -عليه السلام- في هذا الحديث لم يبين لنا فيه أي كافر هو؟ فقد يجوز أن يكون هو الكافر الذي له ملة، ويجوز أن يكون هو الكافر كل كفر ما كان ملة أو غير ملة، فلما احتمل ذلك لم يجز أن يصرف إلى أحد المعنيين دون الآخر إلا بدليل يدل على ذلك.

                                                فنظرنا في ذلك فإذا ربيع المؤذن قد حدثنا، قال: ثنا أسد بن موسى ، ثنا هشيم ، عن الزهري، قال: ثنا علي بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة بن زيد ، قال: قال النبي -عليه السلام-: " لا يتوارث أهل الملتين، لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم". .

                                                فلما جاء هذا عن رسول الله -عليه السلام- بما ذكرنا علمنا أنه أراد الكافر ذا الملة، فلما رأينا الردة ليست بملة، ورأيناهم مجمعين أن المرتدين لا يرث بعضهم بعضا؛ لأن الردة ليست بملة؛ ثبت أن حكم ميراثهم حكم ميراث المسلمين.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي وكان من الدليل والبرهان لأهل المقالة الثانية على أهل المقالة الأولى: أن ذلك الكافر الذي عناه - أي: قصده - النبي -عليه السلام- في الحديث المذكور... إلى آخره.

                                                أراد أن لفظ "الكافر" في قوله: "لا يرث المسلم الكافر" لفظ مجمل لم يبين منه المراد أي كافر هو؟ فقد يجوز أن يكون المراد منه أي كافر كان ممن كانت لهم ملة أو لم تكن، ويجوز أن يكون الكافر الذي له ملة.

                                                [ ص: 429 ] فإذا كان محتملا للمعنيين لم يجز أن يصرف إلى أحد المعنيين إلا بدليل يدل عليه، فنظرنا في ذلك فوجدنا رواية أخرى عن أسامة بن زيد تدل على أن المراد من الكافر هو الذي له ملة، فإذا كان كذلك، والردة ليست بملة؛ كان حكم ميراث المرتدين كحكم ميراث المسلمين.

                                                ثم إسناد الحديث المذكور صحيح، وهشيم هو ابن بشير .

                                                وأخرجه النسائي: عن علي بن حجر ، عن هشيم ، عن الزهري ، عن علي ، عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة بن زيد نحوه.




                                                الخدمات العلمية