الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5245 ص: وقد روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في أرض مصر أيضا:

                                                ما حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ، قال: ثنا نعيم بن حماد ، قال: ثنا محمد بن حمير ، عن عمرو بن قيس السكوني ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، -رضي الله عنهما- [قال: "لما فتح عمرو بن العاص] أرض مصر ، جمع من كان معه من أصحاب رسول الله -عليه السلام- واستشارهم في قسمة أرضها بين من شهدها كما قسم بينهم غنائمهم وكما قسم رسول الله -عليه السلام- خيبر بين من شهدها، أو يوقفها حتى يراجع في ذلك رأي أمير المؤمنين. فقال نفر منهم، فيهم الزبير بن العوام -رضي الله عنه- وابنه: ما ذاك إليك ولا إلى عمر، ، إنما هي أرض فتحها الله علينا وأجفنا عليها خيلنا ورجالنا، وحوينا ما فيها، فما قسمتها بأحق من قسمة أموالها.

                                                وقال نفر منهم: لا تقسمها حتى تراجع أمير المؤمنين فيها، فاتفق رأيهم على أن يكتبوا إلى عمر -رضي الله عنه- في ذلك ويخبروه في كتابهم إليه مقالتهم، فكتب إليهم عمر : " -رضي الله عنه-: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد وصل إلي ما كان من إجماعكم على أن تغتصبوا عطايا المسلمين ومؤن من يغزو أهل العدو من أهل الكفر، وإني إن قسمتها بينكم لم يكن لمن بعدكم من المسلمين مادة يقوون بها على عدوهم، ولولا ما أحمل عليه في سبيل الله وأرفع عن المسلمين من مؤنهم وأجري على ضعفائهم وأهل الديوان منهم لقسمتها بينكم، فأوقفوها فيئا على من بقي من المسلمين حتى تنقرض آخر عصابة تغزو من المؤمنين، والسلام عليكم".


                                                ففي هذا الحديث ما قد دل في حكم الأرضين المفتتحة على ما ذكرنا، وأن حكمها خلاف ما سواه من سائر الأموال المغنومة من العدو.

                                                [ ص: 356 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 356 ] ش: ذكر هذا الأثر شاهدا لصحة ما ذهب إليه أهل المقالة الثانية من أن حكم الأرضين المفتتحة خلاف حكم الأموال المغنومة.

                                                أخرجه بإسناد صحيح: عن عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم ، عن نعيم بن حماد المروزي الفارض الأعور شيخ البخاري في المقرنات، وثقه أحمد ويحيى ، عن محمد بن حمير بن أنيس القضاعي وثقه ابن حبان، وروى له البخاري وأبو داود .

                                                عن عمرو بن قيس السكوني أبي ثور الشامي الحمصي، وثقه يحيى والعجلي والنسائي ، عن أبيه قيس بن ثور، وثقه ابن حبان ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص .




                                                الخدمات العلمية