5096 5097 5098 5099 5100 5101 5102 5103 ص: ففي هذه الآثار أمر رسول الله -عليه السلام- بالغارة، والغارة لا تكون وقد تقدمها الدعاء والإنذار، فيحتمل أن يكون أحد الأمرين مما روينا ناسخا للآخر، فنظرنا في ذلك؛ فإذا يزيد بن سنان قد حدثنا، قال: ثنا سعيد بن سفيان الجحدري (ح).
وحدثنا أبو بكرة، قال: ثنا بكر بن بكار (ح).
وحدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا إسحاق الضرير، قالوا: ثنا عبد الله بن عون قال: "كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال، فقال: إنما كان ذلك في أول الإسلام، أغار رسول الله -عليه السلام- على بني المصطلق ، وهم غارون وأنعامهم على الماء، فقتل مقاتلهم وسبى سبيهم، ثم أصاب يومئذ جويرية بنت الحارث".
وحدثني بهذا الحديث عبد الله بن عمر ، -رضي الله عنهما- وكان معهم في ذلك الجيش.
[ ص: 155 ] حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر، قال: ثنا حماد بن زيد ، عن ابن عون مثله.
حدثنا روح بن الفرج ، قال: ثنا عمرو بن خالد ، قال: ثنا ابن المبارك ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، قال: "كل ذلك قد كان؛ قد كنا ندعو، وكنا لا ندعو".
حدثنا محمد بن خزيمة ، قال: ثنا أبو عمر الضرير ، قال: أنا حماد بن سلمة ، عن سليمان التيمي، أخبرهم عن أبي عثمان النهدي قال: "كنا نغزوا فندعو ولا ندعو".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر بن عمر ، قال: ثنا مبارك ، قال: كان الحسن يقول: " ليس على الروم دعوة؛ لأنهم قد دعوا".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا بشر، قال: ثنا محمد بن طلحة ، عن أبي حمزة ، قال: قلت لإبراهيم: " : إن ناسا يقولون: إن المشركين ينبغي أن يدعوا، فقال: قد علمت الروم على ما يقاتلون، وقد علمت الديلم على ما يقاتلون".
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا يوسف بن عدي ، قال: ثنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان الثوري ، عن منصور ، قال: " سألت إبراهيم عن دعاء الديلم، فقال: قد علموا ما الدعاء". .
فأمر بالدعاء ليكون تبليغا لهم وإعلاما لهم ما يقاتلون عليه، فبين ما روينا من هذا أن الدعاء إنما كان في أول الإسلام؛ لأن الناس حينئذ لم تكن الدعوة بلغتهم، ولم يكونوا يعلمون ما يقاتلون عليه، فأمر بالدعاء ليكون ذلك تبليغا لهم وإعلاما لهم على ما يقاتلون عليه، ثم أمر بالغارة على آخرين فلم يكن ذلك إلا لمعنى لم يحتاجوا معه إلى الدعاء؛ لأنهم قد علموا ما يدعون إليه لو دعوا . وما لو أجابوا إليه لم يقاتلوا، فلا معنى للدعاء.
وهكذا كان أبو حنيفة ، وأبو يوسف 5 ، ومحمد - رحمهم الله - يقولون: كل قوم قد بلغتهم الدعوة فلا ينبغي قتالهم حتى يتبين لهم المعنى الذي عليه يقاتلون، والمعنى الذي إليه يدعون.
[ ص: 156 ]


