5128 5129 5130 ص: وقد روي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على ذلك.
حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، قال: أخبرني يحيى بن أيوب ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك، أن رسول الله -عليه السلام- قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا، حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم". .
فدل ما ذكر في هذا المعنى الذي يحرم به دماء الكفار ويصيرون به مسلمين؛ لأن ذلك هو ترك ملل الكفر كلها وجحدها، والمعنى الأول من توحيد الله - عز وجل - خاصة هو المعنى الذي يكف به عن القتال حتى يعلم ما أراد به قائله؟ الإسلام أو غيره، حتى تصح هذه الآثار ولا تتضاد، فلا يكون الكافر مسلما محكوما له وعليه بحكم الإسلام حتى يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويجحد كل دين سوى
[ ص: 192 ] الإسلام ويتخلى عنه، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما حدثنا حسين بن نصر ، قال: ثنا نعيم بن حماد، قال: ثنا مروان بن معاوية ، قال: ثنا أبو مالك سعد بن طارق بن أشيم ، عن أبيه ، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله ويتركوا ما يعبدون من دون الله، فإذا فعلوا ذلك حرمت علي دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله".
حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا عبد الله بن بكر ، قال: ثنا بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، قال: "قلت: يا رسول الله، ما آية الإسلام؟ قال: أن تقول: أسلمت وجهي لله وتخليت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتفارق المشركين إلى المسلمين".
فلما كان جواب رسول الله -عليه السلام- لمعاوية بن حيدة ، لما سأله عن آية الإسلام أن يقول: "أسلمت وجهي لله وتخليت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة وتفارق المشركين إلى المسلمين"، وكان التخلي هو ترك كل الأديان إلى الله - عز وجل -، ثبت بذلك أن من لم يتخل مما سوى الإسلام لم يعلم بذلك دخوله في الإسلام.
وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، - رحمهم الله -.


