5216 ص: فأردنا أن ننظر في قول من جعله لقرابة الخليفة من بعد رسول الله -عليه السلام-، وجعل سهم رسول الله -عليه السلام- للخليفة من بعده، هل لذلك وجه؟
فرأينا رسول الله -عليه السلام- قد كان فضل بسهم الصفي، وبخمس الخمس، وجعل له مع ذلك في الغنيمة سهم كسهم رجل من المسلمين، ثم رأيناهم قد أجمعوا أن ليس لأحد بعد رسول الله -عليه السلام-، وأن حكم رسول الله -عليه السلام- في ذلك خلاف حكم الإمام من بعده؛ فثبت بذلك أيضا أن حكمه في خمس الخمس خلاف حكم الإمام من بعده، وإذا ثبت أن حكمه فيما وصفنا خلاف حكم الإمام من بعده، ثبت أن حكم قرابته خلاف حكم قرابة الإمام من بعده. سهم الصفي
فثبتت أحد القولين من الآخرين، فنظرنا في ذلك فإذا الله - عز وجل - قد قال: واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فكان سهم الرسول -عليه السلام- جاريا له ما كان حيا إلى أن مات، فانقطع بموته، وكان سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل بعد وفاة النبي -عليه السلام- كما كان قبل ذلك.
ثم اختلفوا في فقال قوم: هو لهم بعد وفاة النبي -عليه السلام- كما كان لهم في حياته. سهم ذوي القربى،
وقال قوم: قد انقطع عنهم بموته، وكان الله - عز وجل - قد جمع كل قرابة رسول الله -عليه السلام- في قوله: ولذي القربى فلم يخص أحدا منهم دون أحد، ثم قسم ذلك النبي -عليه السلام- فأعطى منهم بني هاشم وبني المطلب خاصة، وحرم بني أمية
[ ص: 310 ] وبني نوفل وقد كانوا محصين معدودين، وفيمن أعطى الغني والفقير، وفيمن حرم كذلك، فثبت أن ذلك السهم كان للنبي -عليه السلام- يجعله في أي قرابته شاء، فصار بذلك حكمه حكم سهمه الذي كان يصطفيه لنفسه، فلما كان ذلك لنفسه مرتفعا بوفاته غير واجب لأحد بعده كان هذا أيضا مرتفعا بوفاته، فإنه غير واجب لأحد من بعده. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهم الله -. ومحمد