5232 5233 ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن أبي داود ، قال: ثنا عيسى بن إبراهيم ، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد ، قال: ثنا كليب بن وائل ، قال: حدثني هانئ بن قيس ، عن حبيب بن أبي مليكة ، قال: " كنت قاعدا إلى جنب ابن عمر ، -رضي الله عنهما-، فأتاه رجل فقال: هل شهد عثمان بدرا؟ فقال: لا، ولكن رسول الله -عليه السلام- قال: إن عثمان
[ ص: 336 ] انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله، فضرب له بسهم ولم يضرب لأحد غاب يوم بدر غيره". .
أفلا ترى أن رسول الله -عليه السلام- قد ضرب لعثمان -رضي الله عنه- في غنائم بدر بسهم ولم يحضرها؛ لأنه كان غائبا في حاجة الله وحاجة رسوله؟ فجعله رسول الله -عليه السلام- كمن حضرها، فكذلك كل من غاب عن وقعة المسلمين بأهل الحرب لشغل شغله به الإمام من أمور المسلمين، مثل أن يبعثه إلى شق آخر من دار الحرب لقتال قوم آخرين، فيصيب الإمام غنيمة بعد مفارقة ذلك الرجل إياه، أو يبعث برجل ممن معه من دار الحرب إلى دار الإسلام ليمده بالسلاح والرجال، فلا يعود ذلك الرجل إلى الإمام حتى يغنم غنيمة، فهو شريك فيها، وهو كمن حضرها، وكذلك من أرادها فرده الإمام عنها وشغله بشيء من أمور المسلمين فهو كمن حضرها.
وعلى هذا الوجه عندنا -والله أعلم- أسهم النبي -عليه السلام- لعثمان بن عفان -رضي الله عنه- في غنائم بدر، ولولا ذلك لما أسهم له كما لم يسهم لغيره ممن غاب عنها؛ لأن غنائم بدر لو كانت وجبت لمن حضرها دون من غاب عنها إذا لما ضرب النبي -عليه السلام- لغيرهم فيها بسهم، ولكنها وجبت لمن حضر الوقعة، ولكن من بذل نفسه لها فصرفه الإمام عنها وشغله بغيرها من أمور المسلمين كمن حضرها.


