5307 ص: وفي ذلك حجة أخرى من طريق النظر أيضا، وهي أنا قد رأيناهم قد أجمعوا أن المرتد قبل ردته محظور دمه وماله، ثم إذا ارتد فكل قد أجمع أن الحظر المتقدم قد
[ ص: 435 ] ارتفع عن دمه وصار دمه مباحا، وماله محظور في حال الردة بالحظر المتقدم، وقد رأينا الحربيين حكم دمائهم وأموالهم سواء قتلوا أو لم يقتلوا، فلم يكن الذي يحل به أموالهم هو القتل، بل كان الكفر، وكان المرتد لا يحل ماله بكفره، فلما ثبت أن ماله لا يحل بكفره؛ ثبت أنه لا يحل بقتله.
وقد رأينا أموال الحربيين تحل بالغنائم فتملك بها، ورأينا ما هو من أموالهم في دارنا ملكناه عليهم وغنمناه بالدار وإن لم نقتلهم، فلما كان مال المرتد غير مغنوم بردته؛ كان في النظر أيضا غير مغنوم بسفك دمه.
فلما ثبت أن ماله لا يدخل في حكم الغنائم لم يخل من أحد وجهين: إما أن يرثه ورثته الذين يرثونه لو مات على الإسلام، أو يصير للمسلمين، فإن صار لورثته من المسلمين فهو ما قلنا، وإن صار لجميع المسلمين فقد ورث المسلمون مرتدا.
فلما كان المرتد في حال ما يرثه المسلمون ولم يخرج بردته من ذلك، كان الذين يرثونه هم ورثته الذين كانوا يرثونه لو مات على الإسلام لا غيرهم.
وهذا قول وأبي أبي حنيفة يوسف - رحمهم الله -. ومحمد