الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 256 ] فصل هذا الذي تقدم ذكره : هو الوارد عن الإمام أحمد رضي الله عنه ، وبقي الوارد عن أصحابه .

46 - واعلم أن الوارد عن الأصحاب ( أصحاب الإمام أحمد ) : إما وجه ، وإما احتمال ، وإما تخريج ، وزاد في الفروع : التوجيه .

47 - فأما الوجه : فهو قول بعض أصحابه وتخريجه ، إن كان مأخوذا من قواعد الإمام أحمد رضي الله عنه أو إيمائه أو دليله ، أو تعليله " أو سياق كلامه وقوته .

48 - وإن كان مأخوذا من نصوص الإمام أحمد رضي الله عنه ومخرجا منها : فهي روايات مخرجة له ومنقولة من نصوصه إلى ما يشبهها من المسائل إن قلنا ما قيس على كلامه : مذهب له ، على ما تقدم ، وإن قلنا : لا فهي ، أوجه لمن خرجها وقاسها .

49 - فإن خرج من نص ونقل إلى مسألة فيها نص يخالف ما خرج فيها : صار فيها رواية منصوصة ، ورواية مخرجة منقولة من نصه ، إذا قلنا المخرج من نصه مذهبه ، وإن قلنا : لا ، ففيها رواية عن الإمام أحمد رضي الله عنه ووجه لمن خرجه .

50 - وإن لم يكن فيها نص يخالف القول المخرج من نصه في غيرها : فهو وجه لمن خرج .

51 - فإن خالفه غيره من الأصحاب في الحكم ، دون طريق التخريج ( أصحاب الإمام أحمد ) : ففيها لهما وجهان ، [ ص: 257 ] قال في الرعاية : ويمكن جعلهما مذهبا للأمام أحمد رضي الله عنه بالتخريج دون النقل ، لعدم أخذهما من نصه .

52 - وإن جهلنا مستندهما : فليس أحدهما قولا مخرجا للإمام أحمد رضي الله عنه ، ولا مذهبا له بحال .

53 - فمن قال من الأصحاب هنا " هذه المسألة رواية واحدة " أراد نصه .

54 - ومن قال " فيها روايتان " فإحداهما بنص ، والأخرى بإيماء ، أو تخريج من نص آخر له ، أو نص جهله منكره .

55 - ومن قال " فيها وجهان " أراد : عدم نصه عليهما ، سواء جهل مستنده أو علمه ، ولم يجعله مذهبا للإمام أحمد رضي الله عنه ، فلا يعمل إلا بأصح الوجهين وأرجحهما ، سواء وقعا معا أو لا ، من واحد أو أكثر ، وسواء علم التاريخ ، أو جهل .

56 - وأما " القولان " هنا : فقد يكون الإمام أحمد رضي الله عنه نص عليهما ، كما ذكره أبو بكر عبد العزيز في الشافي ، أو على أحدهما وأومأ إلى الآخر ، وقد يكون أحدهما وجها ، أو تخريجا ، أو احتمالا بخلافه .

57 - وأما الاحتمال الذي للأصحاب : فقد يكون لدليل مرجوح بالنسبة إلى ما خالفه ، أو دليل مساو له ، وقد يختار هذا الاحتمال بعض الأصحاب ، فيبقى وجها به .

58 - وأما التخريج : فهو نقل حكم مسألة إلى ما يشبهها ، والتسوية بينهما فيه ، وتقدم ذلك أيضا في الخطبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية