5224 ص: فلما لم يكن في شيء مما احتج به أهل المقالة الأولى لقولهم من الآثار ما يجب به ما قالوا، أردنا أن ننظر فيما احتج به أهل المقالة الأخرى لقولهم من الآثار أيضا، فنظرنا في ذلك.
[ ص: 325 ] فإذا قد حدثنا، قال: حدثنا ابن أبي داود ، قال: أنا ابن أبي مريم ، عن ابن أبي الزناد عبد الرحمن بن الحارث ، عن ، عن سليمان بن موسى ، عن مكحول ، عن أبي سلام ، عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنهما-: عبادة بن الصامت "أن رسول الله -عليه السلام- أخذ يوم حنين وبرة من جنب بعير، ثم قال: يا - - - - - - ---أيها الناس--- - - - - - -، إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود فيكم، فأدوا الخيط والمخيط، وكان رسول الله -عليه السلام- يكره الأنفال، وقال: ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم".
أفلا ترى أن رسول الله -عليه السلام- قال: فدل ذلك أن ما سوى الخمس من الغنائم للمقاتلة لا حكم للإمام في ذلك، ثم كره رسول الله -عليه السلام- الأنفال، وقال: "ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم"، أي: لا يفضل أحد من أقوياء المؤمنين مما أفاء الله عليهم لقوته على ضعيفهم لضعفه، ويستوون في ذلك، واستحال أيضا أن يكون رسول الله -عليه السلام- نفل من الأنفال ما كان يكره، فكان النفل الذي ليس بمكروه هو النفل من الخمس. "لا يحل لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس"؟
فثبت بذلك أن ما كان رسول الله -عليه السلام- نفله ما رواه عبادة عنه في هذا الحديث هو من الخمس.