الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5298 5299 5300 5301 5302 5303 5304 5305 5306 5307 ص: وقد روي ذلك عن جماعة من المتقدمين أيضا:

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني ، قال: أنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي عمرو السيباني، عن علي -رضي الله عنه-: " أنه جعل ميراث المستورد لورثته من المسلمين".

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا محمد بن سعيد ، قال: أنا شريك ، عن سماك ، عن ابن عبيد بن الأبرص: " ، أن عليا -رضي الله عنه- قال للمستورد: : ( على دين من أنت؟ قال: على دين عيسى. ، قال علي : ( -رضي الله عنه-: وأنا على دين عيسى، ، فمن ربك؟ فزعم القوم أنه قال: إنه ربه، فقال: اقتلوه، ولم يعرض لماله".

                                                حدثنا فهد، قال: ثنا محمد - يعني ابن سعيد ، - قال: ثنا محمد بن فضيل ، عن الوليد بن جميع ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: " إذا مات المرتد ورثه ولده".

                                                حدثنا علي بن زيد ، الفرائضي، قال: ثنا عبدة بن سليمان ، قال: أنا ابن المبارك، قال: ثنا شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ، أن ابن مسعود قال: "ميراثه لورثته من المسلمين".

                                                حدثنا فهد، ثنا محمد بن سعيد، أنا شريك ، عن موسى بن أبي كثير ، قال: " سألت سعيد بن المسيب عن ميراث المرتد فقال: هو لأهله". .

                                                حدثنا فهد ، قال: ثنا أبو نعيم ، قال: ثنا سفيان ، عن موسى بن أبي كثير ، قال: "سألت سعيد بن المسيب قال: نرثهم ولا يرثوننا".

                                                حدثنا علي بن زيد ، قال: ثنا عبدة ، قال: أنا ابن المبارك ، قال: أنا شعبة وسفيان ، عن موسى بن أبي كثير ، عن سعيد بن المسيب، مثله.

                                                [ ص: 431 ] حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا وهب ، قال: ثنا شعبة ، عن موسى بن الصباح ، - وقال مرة: عن أبي الصباح - عن سعيد بن المسيب، مثله.

                                                حدثنا أبو بشر الرقي ، قال: ثنا معاذ بن معاذ ، عن أشعث ، عن الحسن " ( في المرتد يلحق بدار الحرب، قال: ماله بين ولده من المسلمين على كتاب الله".

                                                حدثنا علي بن زيد ، قال: ثنا عبدة ، قال: أنا ابن المبارك ، قال: أنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، أن الحسن قال: " ميراثه لوارثه من المسلمين إذا ارتد عن الإسلام".

                                                فهؤلاء الذين ذكرنا قد جعلوا ميراث المرتد لورثته من المسلمين وشد ذلك من قولهم ما قد وصفته في هذا الباب مما يوجبه النظر.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي قد روي توريث المسلمين من المرتدين عن جماعة من الصحابة والتابعين، فمن الصحابة: عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود .

                                                ومن التابعين: عن سعيد بن المسيب والحسن البصري .

                                                أما ما روي عن علي -رضي الله عنه- فأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن فهد بن سليمان ، عن محمد بن سعيد الأصبهاني شيخ البخاري ، عن أبي معاوية الضرير محمد بن خازم ، عن سليمان الأعمش ، عن أبي عمرو زرعة السيباني - بفتح السين المهملة وسكون الياء آخر الحروف، بعدها باء موحدة - نسبة إلى سيبان بن الغوث بن سعد بن عوف، وثقه ابن حبان وقال: هو من أهل الرملة.

                                                وقال غيره: هو شامي حمصي. وهو عم عبد الرحمن الأوزاعي .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث ابن عيينة، ثنا سليمان ، عن أبي عمرو السيباني: "أن عليا -رضي الله عنه- أتي بالمستورد العجلي فقتله، وجعل ميراثه لأهله من المسلمين، فأعطاه النصارى بجيفته ثلاثين ألفا، فأبى أن يبيعهم إياه وأحرقه".

                                                [ ص: 432 ] وأخرجه أيضا: من طريق أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن السيباني، عن علي: "أنه أتي بمستورد وقد ارتد، فعرض عليه الإسلام فأبى، فقتله وجعل ميراثه بين ورثته من المسلمين".

                                                وقال البيهقي: قال الشافعي: ويزعم بعض أهل الحديث أنه غلط، يعني آخر الخبر.

                                                وروي عن أحمد بن حنبل أنه ضعف الحديث الذي روي عن علي -رضي الله عنه- "أن ميراث المرتد لورثته من المسلمين".

                                                وقال البيهقي: وقد رويت القصة عن علي وليس فيها هذه اللفظة.

                                                قلت: قد صحح ابن حزم ذلك عن علي -رضي الله عنه-، وأخرجه أيضا ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في "مصنفيهما".

                                                وأبو عمر السيباني أدرك زمان النبي -صلى الله عليه وسلم-، فروايته عن علي -رضي الله عنه- محمولة على الاتصال.

                                                الثاني: عن فهد بن سليمان أيضا، عن محمد بن سعيد الأصبهاني ، عن شريك بن عبد الله ، عن سماك بن حرب ، عن ابن عبيد بن الأبرص وهو دثار - بالثاء المثلثة - ابن عبيد بن الأبرص الأسدي، وثقه ابن حبان .

                                                عن علي -رضي الله عنه-.

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه": من حديث شريك ، عن سماك ، عن ابن عبيد بن الأبرص قال: "كنت عند علي -رضي الله عنه- جالسا حين أتي برجل من بني عجل يقال له: المستورد، كان مسلما فتنصر، فقال له علي: ما ذاك؟ قال: وجدت دينهم

                                                [ ص: 433 ] خيرا من دينكم، قال: وما دينك؟ قال: دين عيسى، قال علي -رضي الله عنه-: وأنا على دين عيسى، ولكن ما تقول في عيسى؟ فقال كلمة خفيت علي لم أفهمها، فزعم القوم أنه قال: إنه ربه، فقال علي -رضي الله عنه-: اقتلوه، فتوطأه القوم حتى مات، قال: فجاء أهل الحيرة فأعطوا - يعني بجيفته - اثني عشر ألفا فأبى عليهم علي -رضي الله عنه-، وأمر بها فأحرقت بالنار، ولم يعرض لماله".

                                                ورواه أيضا الشعبي وعبد الملك بن عمير ، عن علي -رضي الله عنه- دون ذكر المال.

                                                وأما ما روي عن عبد الله بن مسعود: فأخرجه أيضا من طريقين:

                                                الأول: عن فهد ، عن محمد بن سعيد الأصبهاني ، عن محمد بن فضيل بن غزوان الضبي الكوفي ، عن الوليد بن عبد الله بن جميع الزهري الكوفي ، عن القاسم بن عبد الرحمن الشامي الدمشقي ، عن عبد الله بن مسعود .

                                                وهؤلاء كلهم ثقات.

                                                وقال أبو حاتم: رواية القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود وعلي وعائشة مرسلة، ويقال: لم يسمع من أحد من الصحابة سوى أبي أمامة .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا ابن فضيل ، عن الوليد بن جميع ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن عبد الله أنه قال: "إذا ارتد المرتد ورثه ولده".

                                                الثاني: عن علي بن زيد الفرائضي ، عن عبدة بن سليمان الكلابي ، عن عبد الله بن المبارك ، عن شعبة بن الحجاج ، عن الحكم بن عتيبة ، عن ابن مسعود .

                                                وهذا منقطع.

                                                وأما ما روي عن سعيد بن المسيب: فأخرجه من أربع طرق صحاح:

                                                الأول: عن فهد ، عن محمد بن سعيد الأصبهاني ، عن شريك بن عبد الله ، عن موسى بن أبي كثير الأنصاري أبي الصباح الكوفي ، عن سعيد بن المسيب .

                                                [ ص: 434 ] وأخرجه ابن أبي شيبة: نا وكيع، نا مسعر ، عن أبي الصباح موسى بن أبي كثير قال: "سمعت سعيد بن المسيب يقول: المرتدون نرثهم ولا يرثوننا".

                                                الثاني: عن فهد أيضا، عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، عن سفيان الثوري ، عن موسى بن أبي كثير .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا: ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن موسى بن أبي كثير قال: "سألت سعيد بن المسيب عن ميراث المرتد هل يوصل؟ قال: وما يوصل؟ قلت: يرثه بنوه، قال: نرثهم ولا يرثوننا".

                                                الثالث: عن علي بن زيد الفرائضي ، عن عبدة بن سليمان، عن عبد الله بن المبارك ، عن شعبة وسفيان كلاهما، عن موسى بن أبي كثير .

                                                الرابع: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن موسى بن الصباح - وقال مرة: عن أبي الصباح .

                                                وأما ما روي عن الحسن البصري: فأخرجه من طريقين صحيحين:

                                                الأول: عن أبي بشر عبد الملك بن مروان الرقي ، عن معاذ بن معاذ بن نصر العنبري قاضي البصرة، عن أشعث بن عبد الملك ، عن الحسن .

                                                الثاني: عن علي بن زيد الفرائضي ، عن عبدة بن سليمان الكلابي ، عن عبد الله بن المبارك ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن الحسن .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا علي بن مسهر ، عن سعيد ، عن قتادة، عن الحسن قال: "يقتل، وميراثه لورثته من المسلمين".




                                                الخدمات العلمية