الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المبحث الثاني: الفرق بين الوقف، والإرصاد

        الإرصاد لغة: الإعداد، يقال: أرصد الأمر: أعده.

        الإرصاد: هو تخصيص الإمام غلة أرض من بيت المال لبعض مصارفه، مثل: أن يجعل غلة بعض المزارع المملوكة لبيت المال للصرف على المساجد في المنطقة، أو على الأئمة والمؤذنين والقراء، أو على المدرسين، أو على من لهم استحقاق في بيت المال لقيامهم ببعض الخدمات.

        ويطلق الحنفية الإرصاد أيضا على: تخصيص ريع الوقف لسداد ديونه التي ترتبت عليه لضرورة إعماره.

        وللعلماء قولان في حقيقة الإرصاد:

        الأول: أنه مغاير للوقف، وقد صرح بذلك الحنفية، وهو ما يفهم من كلام الشافعية أيضا; لاختلال شرط من شروط الوقف فيه، وهو أن يكون الموقوف مملوكا للواقف حين الوقف، والمرصد هو الإمام أو نائبه وهو لا يملك ما أرصده، قال ابن عابدين: « الإرصاد من الإمام ليس بإيقاف البتة; لعدم ملك السلطان، بل هو تعيين شيء من بيت المال على بعض مستحقيه » [ ص: 209 ] فالفرق: أن العين الموقوفة كانت قبل الوقف ملكا للواقف، وفي الإرصاد كانت ملكا لبيت المال.

        القول الثاني: اعتبار الإرصاد وقفا في حقيقته; لعدم اختلال شيء من شروط الوقف فيه، فالسلطان هو الواقف لشيء من أموال بيت المال، وعليه فلا فرق بين الإرصاد والوقف من حيث الملك، ويفترقان بأن الإرصاد لا يكون إلا من الإمام.

        والراجح: هو القول الأول أن الإرصاد لا يعتبر وقفا; لأن من شروط الواقف أن يكون مالكا لما يوقفه، والسلطان غير مالك لأموال بيت المال. [ ص: 210 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية