الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        أدلة القول الثالث: (يجوز في السلاح والكراع فقط ) :

        استدل لهذا الرأي بما يأتي:

        (20 ) 1 - ما رواه البخاري ومسلم من طريق مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر رضي الله عنه قال: « كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول [ ص: 86 ] الله صلى الله عليه وسلم خاصة، وكان ينفق على أهله نفقة سنته ، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله ».

        ونوقش هذا الاستدلال: بقول ابن حزم رحمه الله: « إنه كما يجب القول بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من وقف السلاح والكراع، كذلك يجب القول بما صح عنه صلى الله عليه وسلم من إيقاف غير الكراع والسلاح، فلا نقصر الوقف على الكراع والسلاح ».

        (21 ) 2 - ما رواه ابن أبي شيبة: حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي قال: قال علي رضي الله عنه: « لا حبس عن فرائض الله إلا ما كان من سلاح أو كراع ».

        ونوقش هذا الاستدلال: بأن المراد حبس الجاهلية، كما صرفه الإمام مالك إلى حبس الجاهلية عندما اعترضه أبو يوسف بهذا الدليل.

        (22 ) روى البيهقي عن الشافعي رحمه الله أنه قال: « اجتمع مالك وأبو يوسف عند أمير المؤمنين فتكلما في الوقف وما يحبسه الناس.

        فقال يعقوب: هذا باطل. قال شريح: جاء محمد صلى الله عليه وسلم بإطلاق الحبس. فقال مالك: إنما جاء محمد بإطلاق ما كانوا يحبسونه لآلهتهم من البحيرة، والسائبة، فأما الوقف، فهذا وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث استأذن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: « حبس أصلها وسبل ثمرتها ».

        فأعجب الخليفة ذلك منه، وبقي يعقوب. [ ص: 87 ]

        (23 ) 3 - ما رواه ابن أبي شيبة من طريق القاسم، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: « لا حبس إلا في سلاح أو كراع » [منقطع].

        (24 ) 4 - ما رواه ابن أبي شيبة من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن حسن، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: « كانوا يحبسون الفرس والسلاح في سبيل الله ».

        ونوقش من وجهين:

        الوجه الأول: أن خبر إبراهيم هذا حكاية أنهم كانوا يوقفون السلاح والفرس في سبيل الله، ونحن موافقون على جواز وقف الفرس والسلاح، لكن ليس فيه دلالة على قصر الوقف على الفرس والسلاح.

        الوجه الثاني: قيل للإمام أحمد: قوله « ما كانوا يحبسون إلا الكراع والسلاح؟

        قال: « ليس ذا شيئا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أوقفوا الدور والأرضين ».

        التالي السابق


        الخدمات العلمية