الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
20769 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد قالا: حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن عائشة : أنها أرادت أن تشتري جارية فتعتقها فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا . فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق" رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة وغيره ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى كلهم عن مالك .

20770 - أخبرنا أبو سعيد ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي : أحسب حديث نافع أثبتها كلها لأنه مسند وأنه أشبه، فكأن عائشة في حديث نافع شرطت لهم الولاء فأعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها إن أعتقتها فالولاء لها [ ص: 462 ] فكان هكذا، فليس أنها شرطت لهم الولاء بأمر النبي صلى الله عليه وسلم ولعل هشاما أو عروة حين سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنعك ذلك"، رأى أنه أمرها أن تشتري لهم الولاء فلم يقف من حفظه على ما وقف عليه ابن عمر ، والله أعلم.

20771 - قال أحمد : ولحديث ابن عمر ، ومعناه شواهد ذكرناها في كتاب السنن.

20772 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي ، رحمه الله: فقال لي بعض الناس: فما معنى إبطال النبي صلى الله عليه وسلم شرط عائشة لأهل بريرة ؟ قلت: إنا بينا والله أعلم في الحديث نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعلمهم أن الله قد قضى أن الولاء لمن أعتق، وقال: ( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ) ، كما نسبهم إلى آبائهم، فكما لم يجز أن يحولوا عن آبائهم فكذلك لا يجوز أن يحولوا عن مواليهم، ومواليهم الذين ولوا أمانتهم. قال الله سبحانه وتعالى: ( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الولاء لمن أعتق" فنهى عن بيع الولاء، وعن هبته. وروي عنه أنه قال: " الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع، ولا يوهب" ، فلما بلغهم هذا كان من اشترط خلاف ما قضى الله، ورسوله عاصيا وكانت في المعاصي حدود، وآداب، وكان هذا من أيسر الأدب.

التالي السابق


الخدمات العلمية