الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
20353 - وقد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الوليد الفقيه ، حدثنا عبد الله بن محمد قال: قال أبو عبد الله وهو محمد بن نصر ، قال أبو ثور : قد كان أبو عبد الله - يعني - الشافعي قال: " إذا لم يكن قافة، وعدم الذي من قبله البيان، أقرع بينهم " .

20354 - أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا عنبسة ، حدثني يونس بن يزيد قال: قال: محمد بن مسلم بن شهاب ، أخبرني عروة بن الزبير ، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 374 ] أخبرته: " أن النكاح كان في الجاهلية على أربعة أنحاء : فنكاح منها نكاح الناس اليوم، يخطب الرجل إلى الرجل وليته فيصدقها، ثم ينكحها، ونكاح آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدا حتى يتبين حملها من ذلك الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إن أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع، ونكاح آخر يجتمع الرهط دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت ومر ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت وهو ابنك يا فلان - تسمي من أحبت منهم باسمه - ، فيلحق به ولدها، ونكاح رابع: يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة، ولا تمنع ممن جاءها، وهن البغايا كن ينصبن رايات على أبوابهن يكن علما، فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت فوضعت حملها جمعوا لها، ودعوا لها القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاطته ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم هدم نكاح أهل الجاهلية كله إلا نكاح أهل الإسلام اليوم" ، أخرجه البخاري في الصحيح، عن أحمد بن صالح .

20355 - ومن ادعى نسخ القافة بهذا الحديث فقد أحال، وذلك لأن النسخ ما كان ثابتا في شرعنا ثم ورد عليه النسخ، وليس في هذا الحديث شيء من ذلك، وإنما فيه إبطال النبي صلى الله عليه وسلم حين بعث نكحة الجاهلية دون واحد، ووصفت عائشة ذلك الواحد.

20356 - وفيه دلالة على أن النكاح لا يجوز بغير ولي، فأما إلحاق الولد بقول القافة فهو مثل ما ورد في الحديث باطل لأن وطأها بعد ما حكم النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 375 ] ببطلان أنكحتهم زنا ولا سبيل إلى إلحاق الولد بالزاني، وإن كان معروفا، وإنما يلحق الولد بأحدهم بقول القافة عند الاشتباه في الموضع الذي يلحقونه بهم، وفي الزنا لا يلحقونه بجميع من زنا بها، ولا يلحقه بأحدهم بقول القافة، والله أعلم.

20357 - والذي روى سليمان بن يسار ، أن عمر بن الخطاب ، كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام، فإنما ذلك فيما سلف من أنكحتهم التي كانوا يعتقدون جوازها، فأما الآن فلو فعل مثل ذلك مسلم لم يلحق به ولدها، فليس فيه لمن استشهد به حجة، وتمام الحديث حجة عليه كما سبق ذكرنا له.

التالي السابق


الخدمات العلمية