الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
20819 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ في كتاب المستدرك، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، رحمه الله قال: أخبرني يحيى بن سليم ، حدثنا ابن جريج ، عن عكرمة ، قال: دخلت على ابن عباس ، وهو يقرأ في المصحف قبل أن يذهب بصره، وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك يا أبا عباس جعلني الله فداءك؟ فقال لي: " هل تعرف أيلة ؟ "، فقلت: وما أيلة ؟ فقال: " قرية كان بها ناس من اليهود، فحرم الله عليهم الحيتان يوم السبت، فكانت حيتانهم تأتيهم يوم سبتهم شرعا بيضاء سمانا كأمثال المخض ، بأفنائهم، وأبنياتهم، فإذا كان في غير يوم السبت لم يجدوها ولم يدركوها إلا في مشقة ومؤنة شديدة، فقال بعضهم لبعض ، أو من قال ذلك منهم: لعلنا لو أخذناها يوم السبت فأكلناها في غير يوم السبت؟ ففعل ذلك أهل بيت منهم، فأخذوا فشووا، فوجد جيرانهم ريح الشواء، فقالوا: والله ما نرى أصاب بني فلان شيء، فأخذها آخرون، حتى فشا ذلك فيهم أو كثر، فافترقوا فرقا ثلاثة: فرقة أكلت، وفرقة نهت، وفرقة قالت: لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا؟ فقالت الفرقة التي نهت: نحذركم غضب الله، وعقابه فيصيبكم الله بخسف أو قذف أو بعض ما عنده من العذاب، والله لا نبايتكم في مكان، وأنتم فيه " قال: " فخرجوا من السور فغدوا عليه من الغد، فضربوا باب السور، فلم يجبهم أحد، فأتوا بسلم فأسندوه إلى السور، ثم رقي منهم راق على السور، فقال: يا عباد الله قردة، والله لها أذناب تعاوى. ثلاث مرات. ثم نزل من السور ففتح السور، فدخل الناس عليهم فعرفت القرود أنسابها من الإنس، ولم تعرف الإنس أنسابها من القرود " قال: " فيأتي القرد إلى نسيبه من الإنس فيحتك به، ويلصق، ويقول الإنسان: أنت فلان؟ فيشير برأسه: أي نعم، ويبكي. وتأتي القردة إلى نسيبها، وقريبها من الإنس فيقول لها الإنسان: أنت فلانة فتشير برأسها أي نعم، وتبكي. فيقول لهم الإنس: إنا حذرناكم غضب الله، وعقابه أن يصيبكم بخسف أو مسخ أو ببعض ما عنده من العذاب " [ ص: 474 ] قال ابن عباس : " فأسمع الله تعالى يقول: ( أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ) ، فلا أدري ما فعلت الفرقة الثالثة ". قال ابن عباس : " فكم قد رأينا من منكر لم ننه عنه" قال عكرمة : فقلت: ألا ترى جعلني الله فداءك أنهم قد أنكروا، وكرهوا حين قالوا: لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا؟ فأعجبه قولي ذلك، وأمر لي ببردين غليظين فكسانيهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية