الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
19253 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو بكر ، وأبو زكريا ، وأبو سعيد ، قالوا: حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي : أخبرنا سفيان ، أخبرنا هشام [ ص: 96 ] ، عن فاطمة ، عن أسماء قالت: " نحرنا فرسا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأكلناه " ، رواه البخاري في الصحيح، عن الحميدي ، عن سفيان ، وأخرجاه من أوجه عن هشام .

19254 - أخبرنا أبو سعيد ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي : أخبرنا سفيان ، عن عبد الكريم أبي أمية قال: "أكلت فرسا في عهد ابن الزبير فوجدته حلوا" .

19255 - قال أحمد : وروينا عن الأسود ، أنه أكل لحم فرس.

19256 - وعن الحسن ، " لا بأس بلحم الفرس" .

19257 - وأما حديث صالح بن يحيى بن المقدام ، عن أبيه ، عن جده ، عن خالد بن الوليد قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الخيل والبغال والحمير، وكل ذي ناب من السباع " .

19258 - فهذا حديث إسناده مضطرب، ومع اضطرابه مخالف لحديث الثقات.

19259 - وقد قال البخاري في التاريخ: صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب : فيه نظر [ ص: 97 ] .

19260 - وقال موسى بن هارون : لا يعرف صالح بن يحيى ولا أبوه إلا بجده، وهذا ضعيف.

19261 - وزعم الواقدي أن خالد بن الوليد أسلم بعد فتح خيبر ، وإنما قول الله عز وجل: ( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ) ، فإنه في سورة النحل، وسورة النحل مكية في قول أهل التفسير، غير أربع آيات من آخر السورة، ولم يبلغنا أن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم امتنع من أكل لحم الخيل بعد نزول هذه الآية، ولا النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ذلك، حتى حرمه زمن خيبر .

19262 - وفي ذلك دلالة على أنهم لم يعقلوا من هذه الآية تحريم لحوم هذه الدواب، وأن لا حجة فيها لمن ذهب إلى تحريم الخيل.

19263 - والذي يؤكد ما روينا عن ابن عباس في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر " لا أدري أنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أنه كان حمولة الناس، فكره أن تذهب حمولتهم أو حرمه.

19264 - ولو كان تحريمها وتحريم ما ذكر معها في الآية ثابتا بالآية لم يقع هذا الاشتباه لابن عباس - وهو ترجمان القرآن - في النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر .

19265 - وهذا الخبر عن ابن عباس يدل على بطلان ما روي عنه بخلاف ذلك.

19266 - ثم إن الله عز وجل كما لم يذكر في الآية وجه الانتفاع بهذه الدواب بالأكل، ولم يذكر وجه الانتفاع بها بحمل الأثقال عليها، وذلك لا يدل على تحريمه كذلك الأكل إلا فيما قامت دلالته.

19267 - وفي الآية دلالة على جواز إنزاء الخيل على الأتن رغبة في إتيانها [ ص: 98 ] بالبغال التي امتن الله تعالى علينا بها، كامتنانه بالخيل والحمير.

التالي السابق


الخدمات العلمية