254  - أنا القاضي أبو حامد : أحمد بن محمد الإستوائي ،  نا علي بن عمر بن أحمد الحافظ ،  نا  أحمد بن محمد بن سعيد ،  نا إبراهيم بن الوليد بن حماد ،  نا محمد بن سعيد بن حماد ،  نا حفص بن عمر بن سعيد ،  عن عمه  سفيان الثوري  قال : حدثني الحسن - يعني : ابن عمارة -  عن الحكم ،  عن  مجاهد ،  ومقسم ،  عن  ابن عباس ،  أنه ذكر عنده قول النبي - صلى الله عليه وسلم -  لضباعة :   " حجي واشترطي " . 
فقال  ابن عباس :   " هذا منسوخ " .  
قيل له : وما نسخ هذا ؟ 
قال : قول الله تعالى : ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي   ) والنسخ لا يجوز إلا فيما يصح وقوعه على وجهين ، كالصوم والصلاة وغيرهما من العبادات الشرعية ، فأما ما لا يجوز أن يكون إلا على وجه واحد ، مثل التوحيد وصفات الله تعالى الذاتية ، كعلمه وقدرته ، وما عدا ذلك من صفاته ، فلا يصح فيه النسخ ، وكذلك ما أخبر الله تعالى عنه من أخبار القرون الماضية ، والأمم السالفة . 
 [ ص: 256 ] فلا يجوز فيها النسخ ، وهكذا ما أخبر عن وقوعه في المستقبل كخروج الدجال ، ويأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى ابن مريم  إلى الأرض ، ونحو ذلك ، فإن النسخ فيه لا يجوز . 
ولا يجوز نسخ إجماع المسلمين ، لأن الإجماع لا يكون إلا بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والنسخ لا يجوز بعد موته . 
ولا يجوز نسخ القياس : لأن القياس تابع للأصول ، والأصول ثابتة فلا يجوز نسخ تابعها . 
 [ ص: 257 ] الكلام في الأصل الثاني من أصول الفقه 
وهو سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 
السنة : ما رسم ليحتذى ، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :  " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها " . 
ولا فرق بين أن يكون هذا المرسوم واجبا ، أو غير واجب ، يدل عليه ما روي عن  ابن عباس :  أنه صلى على جنازة فجهر فيها بفاتحة الكتاب ، وقال : " إنما فعلت هذا لتعلموا أنها سنة " . 
يعني : قراءة الفاتحة ، وهي واجبة في صلاة الجنازة . 
وقد غلب على ألسنة الفقهاء ، أنهم يطلقون السنة ، فيما ليس بواجب ، فينبغي أن يقال في حد السنة : أنه ما رسم ليحتذى استحبابا . 
				
						
						
