الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
594 - أنا أبو محمد الجوهري ، أنا محمد بن العباس ، أنا أحمد بن عبد الله بن سيف ، نا الربيع بن سليمان ، قال : قال الشافعي ، " حاكيا عمن سأله ، فقال : " كيف يرد صاعا من تمر ولا يرد ثمن اللبن ؟ قلت : أيثبت هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، قلت : ما ثبت عنه فليس فيه إلا التسليم ، وقولك وقول غيرك فيه : لم ؟ وكيف ؟ خطأ ، " وكيف " إنما يكون لأقاويل الآدميين الذين قولهم تبع لا متبوع ، ولو جاز في القول اللازم [ ص: 548 ] كيف حتى يحمل على قياس أو فطرة عقل ، لم يكن للقول غاية ينتهي إليها ، وإذا لم يكن له غاية ينتهي إليها سقط القياس " .

قلت : التعبد من الله تعالى لعباده على معنيين : أحدهما : التعبد في الشيء بعينه لا لعلة معقولة ، فما كان من هذا النوع لم يجز أن يقاس عليه .

والمعنى الثاني : التعبد لعلل مقرونة به ، وهي الأصول التي جعلها الله تعالى أعلاما للفقهاء ، فردوا إليها ما حدث من أمر دينهم ، مما ليس فيه نص بالتشبيه والتمثيل عند تساوي العلل من الفروع بالأصول ،
وليس يجب أن يشارك الفرع الأصل في جميع المعاني ، ولو كان ذلك واجبا لكان الأصل هو الفرع ، ولما كان يتهيأ قياس شيء على غيره ، وإنما القياس تشبيه الشيء بأقرب الأصول به شبها ، ألا ترى أن الله تعالى حكم في الصيد بالمثل في النعم ، وحكموا في النعامة بالبدنة ، وإنما يتفقان في بعض المعاني ، وكذلك الحكم بالقيم والأمثال في الأشياء المتلفة ، والله أعلم .

وإذا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطاب يتضمن كلمتين معناهما في الظاهر واحد ، وأمكن حمل كل كلمة على فائدة فعل ذلك مثاله ما :

التالي السابق


الخدمات العلمية