الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
288 - أنا علي بن أحمد بن عمر المقرئ ، أنا إسماعيل بن علي الخطبي ، نا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سمعت أبي يقول ، في حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :

" أمرت بقرية تأكل القرى " .

قال : تفسيره والله أعلم : تفتح القرى ، فتحت مكة بالمدينة ، وما حول المدينة بها ، لا أنها تأكل أكلا ، إنما تفتح القرى بالمدينة .

قلت : قوله - صلى الله عليه وسلم - : " أمرت بقرية " ، على معنى أمرت بالهجرة إلى قرية ، وقوله : " تأكل القرى " بمعنى : يأكل أهلها القرى ، كما قال الله تعالى : ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة ) يعني : قرية كان أهلها مطمئنين ، وكان ذكر القرية في هذا كناية عن أهلها ، وأهلها المرادون بها لا هي ، والدليل على ذلك قوله تعالى : ( فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) ، والقرية لا صنع لها ، وقوله : ( فكفرت بأنعم الله ) والقرية : لا كفر لها .

وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " تأكل القرية " بمعنى : تقدر عليها ، كقوله تعالى : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ) ليس يعني بذلك أكلتها دون محتجبيها عن اليتامى لا بأكل لها ، وكقوله تعالى : ( ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ) يعني : تغلبوا عليها إسرافا على أنفسكم [ ص: 295 ] وبدارا أن يكبروا ، فيقيموا الحجة عليكم بها ، فينتزعوها منكم لأنفسهم ، فكان الأكل فيما ذكرنا يراد به الغلبة على الشيء ، فكذلك في الحديث .

وحديث آخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية