الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
249 - أنا أبو منصور : محمد بن عيسى بن عبد العزيز البزاز [ ص: 252 ] بهمذان ، نا أبو الفضل : صالح بن أحمد بن محمد الحافظ - لفظا - نا أبو عبد الله : محمد بن حمدان بن سفيان الطرائفي ، نا الربيع بن سليمان ، قال : قال : الشافعي : " إن الله جل ثناؤه ، خلق الخلق لما سبق في علمه مما أراد بخلقهم وبهم ، لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ، وأنزل عليهم الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة ، وفرض فيه فرائض أثبتها وأخرى نسخها ، رحمة لخلقه بالتخفيف عنهم وبالتوسعة عليهم ، زيادة فيما ابتدأهم به من نعمه ، وأثابهم على الانتهاء إلى ما أثبت عليهم جنته والنجاة من عذابه ، فعمتهم رحمته فيما أثبت ونسخ ، فله الحمد على نعمه ، وأبان لهم أنه إنما نسخ ما نسخ من الكتاب بالكتاب ، وأن السنة لا ناسخة للكتاب ، وإنما هي تبع للكتاب ، بمثل ما نزل به نصا ، ومفسرة معنى ما أنزل الله منه جملا قال الله تعالى : ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) " .

قال الشافعي : " فأخبر الله أنه فرض على نبيه اتباع ما يوحى إليه ، ولم يجعل له تبديله من تلقاء نفسه ، وفي قوله [تعالى] : ( ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ) ، بيان ما وصفت من أنه لا ينسخ كتاب الله إلا كتابه ، كما كان المبتدئ بفرضه وهو المزيل المثبت لما شاء منه ، جل ثناؤه ، ولا يكون ذلك لأحد من خلقه [ ص: 253 ] وكذلك قال : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) " .

قلت : قد بين الشافعي ، أن الكتاب لا ينسخ إلا بالكتاب ، وأما السنة هل تجوز أن تنسخ بالكتاب ؟

في ذلك قولان : أحدهما : أنه لا يجوز ، لأن الله تعالى جعل السنة بيانا للقرآن فقال تعالى : ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) فلو جوز نسخ السنة بالقرآن ، يجعل القرآن بيانا للسنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية