الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
233 - أنبا الحسن بن أبي بكر ، أنا أبو محمد : عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم البغوي ، أنا علي بن عبد العزيز ، قال : قال أبو عبيد : القاسم بن سلام : " السنة هي المفسرة للتنزيل ، والموضحة لحدوده وشرائعه ، ألا ترى أن الله تعالى أنزل في كتابه حين ذكر الحدود ، فقال : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) ، فجعله حكما [ ص: 235 ] عاما في الظاهر ، على كل من زنا ، ثم حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في الثيبين بالرجم ، وليس هذا بخلاف الكتاب ، ولكنه لما فعل ذلك علم أن الله تعالى إنما عنى بالآية البكرين دون غيرهما .

وكذلك لما ذكر الفرائض ، فقال : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) ، فكانت الآية شاملة لكل أحد ، فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم " ، لم يكن هذا بخلاف التنزيل ، ولكن علم أن الله [تعالى] إنما عنى بالموارثة أهل الدين الواحد دون أهل الدينين المختلفين ، وكذلك لما ذكر الوضوء فقال : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) ، ثم مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخفين وأمر به ، تبين لنا أن الله إنما عنى بغسل الأرجل ، إذا كانت الأقدام بادية ، لا خفاف عليها ، وكذلك شرائع القرآن كلها ، إنما نزلت جملا حتى فسرتها السنة .

التالي السابق


الخدمات العلمية