324 - أنا نا أبو سعيد : محمد بن موسى الصيرفي ، نا أبو العباس : محمد بن يعقوب الأصم ، نا محمد بن إسحاق الصغاني ، نا يونس بن محمد ، أبو هلال ، عن قال : قتادة ، " كلام الله ينسخ بعضه بعضا ، وكلام الرجال أحق أن ينسخ بعضه بعضا " .
النسخ جائز في الشرع ، وقالت اليهود : لا يجوز ، وحكي ذلك عن شرذمة من المسلمين ، وهو خطأ لأن التكليف في قول بعض الناس إلى الله تعالى يفعل ما يشاء ، وعلى قول بعضهم التكليف على سبيل المصلحة ، فإن كان إلى مشيئته تعالى ، فيجوز أن يشاء في وقت تكليف فرض ، وفي وقت إسقاطه ، وإن كان على سبيل المصلحة ، فيجوز أن تكون المصلحة في وقت في أمر ، وفي وقت آخر في غيره ، فلا وجه للمنع منه .
يجوز ، وليس ذلك ببداء ، والدليل عليه أن الله تعالى أمر ونسخ الفعل قبل دخول وقته إبراهيم الخليل عليه السلام بذبح ابنه ثم نسخه قبل وقت الفعل ، فدل على جوازه .
والبداء : هو ظهور ما كان خفيا عنه ، وليس في النسخ قبل الوقت ذلك المعنى .
[ ص: 333 ] ويجوز كما يجوز نسخ السنة بالسنة ، نسخ الكتاب بالكتاب ، الآحاد بالآحاد ، والتواتر بالتواتر .
فأما فلا يجوز ، لأن التواتر يوجب العلم ، فلا يجوز نسخه بما يوجب الظن . نسخ التواتر بالآحاد
ويجوز نسخ القول بالقول ، ونسخ الفعل بالقول ، ونسخ الفعل بالفعل ، ونسخ القول بالفعل ، لأن الفعل كالقول في البيان ، فكما جاز النسخ بالقول جاز بالفعل .
ويجوز النسخ بدليل الخطاب ، لأنه في معنى النطق ، ولا يجوز النسخ بالإجماع ، لأن الإجماع حادث بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز أن ينسخ ما تقرر في شرعه ، ولكن يستدل بالإجماع على النسخ ، فإذا رأيناهم قد أجمعوا على خلاف ما ورد به الشرع دلنا ذلك على أنه منسوخ .
ولا يجوز لأن القياس إنما يصح ، إذا لم يعارضه نص ، فإذا كان هناك نص مخالف للقياس ، لم يكن للقياس حكم ، فلا يجوز النسخ به . النسخ بالقياس :
ولا يجوز النسخ بأدلة العقل : لأن دليل العقل ضربان : ضرب لا يجوز أن يرد الشرع بخلافه ، فلا يتصور نسخ الشرع به .
وضرب يجوز أن يرد الشرع بخلافه والبقاء على حكم الأصل ، [ ص: 334 ] وذلك إنما يجب العمل به عند عدم الشرع ، فإذا وجد الشرع ، بطلت دلالته ، فلا يجوز النسخ به .