454 - أنا محمد بن عيسى بن عبد العزيز الهمذاني ، نا صالح بن أحمد بن محمد الحافظ ، قال : سمعت القاسم بن أبي صالح ، يقول : سمعت يقول : أبا حاتم الرازي ، مثل : " العلم عندنا ما كان عن الله تعالى من كتاب ناطق ، ناسخ غير منسوخ ، وما صحت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما لا معارض له ، وما جاء عن الألباء من الصحابة ما اتفقوا عليه ، فإذا اختلفوا لم يخرج من اختلافهم ، فإذا خفي ذلك ولم يفهم فعن التابعين ، فإذا لم يوجد عن التابعين ، فعن أئمة الهدى من أتباعهم أيوب [ ص: 433 ] السختياني ، وحماد بن زيد ، وحماد بن سلمة ، وسفيان ، ومالك بن أنس ، والأوزاعي ، والحسن بن صالح ، ثم من بعد ، ما لم يوجد عن أمثالهم ، فعن مثل : عبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن إدريس ، ويحيى بن آدم ، وسفيان بن عيينة ، ومن بعدهم : ووكيع بن الجراح ، محمد بن إدريس الشافعي ، ويزيد بن هارون ، والحميدي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، وأبي عبيد القاسم بن سلام " .
قلت : قصد إلى تسمية هؤلاء ، لأنهم كانوا المشهورين من أئمة أهل الأثر في أعصارهم ، ولهم نظراء كثيرون من أهل كل عصر أولو نظر واجتهاد ، فما أجمعوا عليه فهو الحجة ، ويسقط الاجتهاد مع إجماعهم ، فكذلك إذا اختلفوا على قولين ، لم يجز لمن بعدهم إحداث قول ثالث وسنوضح هذا فيما بعد إن شاء الله . أبو حاتم
[ ص: 434 ] القول فيمن رد الإجماع الإجماع
على ضربين : -
أحدهما : إجماع الخاصة والعامة ، وهو مثل : إجماعهم على القبلة أنها الكعبة ، وعلى صوم رمضان ، ووجوب الحج ، والوضوء ، والصلوات وعددها وأوقاتها ، وفرض الزكاة وأشباه ذلك .
والضرب الآخر : هو إجماع الخاصة دون العامة ، مثل ما اجتمع عليه العلماء من أن الوطء مفسد للحج ، وكذلك الوطء في الصوم مفسد للصوم ، وأن البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه ، وأن لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ، وأن لا وصية لوارث ، وأن لا يقتل السيد بعبده ، وأشباه ذلك .
فمن جحد الإجماع الأول استتيب ، فإن تاب وإلا قتل ، ومن رد الإجماع الآخر فهو جاهل يعلم ذلك ، فإذا علمه ثم رده بعد العلم ، قيل له : أنت رجل معاند للحق وأهله .
[ ص: 435 ]