571  - أنا القاضي أبو محمد : الحسن بن الحسين بن محمد بن رامين الإستراباذي ،  أنا أحمد بن جعفر بن أبي توبة الصوفي ،  بشيراز ،  نا علي بن الحسين بن معدان ،  نا  أبو عمار : الحسين بن حريث ،  نا  أحمد بن حنبل ،  نا  إسماعيل بن إبراهيم ،  عن  عطاء بن السائب ،  قال : قال ربيع بن خثيم :   " أيها المفتون : انظروا كيف تفتون ، لا يقل أحدكم إن الله أحل كذا وكذا وأمر به ، فيقول الله : كذبت لم أحلله ولم آمر به ، ولا يقل أحدكم : إن الله حرم كذا وكذا ، ونهى عنه ، فيقول الله : كذبت  [ ص: 530 ] لم أحرمه ولم أنه عنه " .  
قلت : ولأن المباح ما أعلم صاحب الشرع أنه لا ثواب في فعله ، ولا عقاب في تركه . 
والمحظور : ما أعلم أن في فعله عقابا ، فإذا لم يرد الشرع بواحد منهما وجب أن لا يكون محظورا ولا مباحا ، ويكون حكمه موقوفا على ورود الشرع ، فيحكم بما يرد الشرع فيه . 
فأما الجواب عن قول من حظرها بأنها ملك لله فهو : أنه إن أراد أنه لا يجوز التصرف في ملك الغير إلا بإذنه من طريق العقل لم يسلم له ذلك ، وهل وقعت المنازعة إلا فيه ، وإن أراد به من طريق الشرع ، فهو صحيح ، ولهذا قلنا إنه موقوف على مجيء الشرع ، وأما أملاك الآدميين فإنما حرم التصرف فيها من غير إذن مالكها بالشرع دون العقل ، ولم يكن له فيما ذكره حجة . 
وأما الجواب : عما احتج به من أباحها فهو أنه غير صحيح ، لأنا لا نعلل أفعال الله ، وعلى أن ما ذكروه ينقلب عليهم فيما خلقه الله وحرمه على عباده مثل الخمر والخنزير ، ويقسم عليهم مثل تقسيمهم حرفا بحرف ، مع أنا نقول يجوز أن يكون الله تعالى خلقها ليمتحنهم بالكف عنها ، ويثيبهم على ذلك ، أو ليستدلوا بها على خالقها ، وهذا وجه يخرجه من حد العبث فسقط ما قالوه  [ ص: 531 ] 
وفائدة هذه المسألة أن من حرم شيئا أو أباحه فسئل عن حجته ، فقال : طلبت دليل الشرع فلم أجد فبقيت على حكم العقل من تحريم أو إباحة هل يصح ذلك أو لا ؟ 
وهل يلزم خصمه احتجاجه بهذا القول أو لا ؟ وهذا مما يحتاج الفقيه إلى معرفته والوقوف على حقيقته . 
 [ ص: 532 ] 
				
						
						
