المسألة الثانية: الوقف على الحمل تبعا لغيره:
إذا وقف على الحمل تبعا لمن يصح الوقف عليه، كأن يقول: وقفت [ ص: 443 ] على أولادي أو أولاد فلان وفيهم حمل، أو يقول: وقفت أرضي على أولادي ومن سيولد لي ثم الفقراء، فهل يصح الوقف أو لا يصح؟
للفقهاء في هذه المسألة قولان:
القول الأول: يصح الوقف.
وبه قال الحنفية، والمالكية، والحنابلة.
قال المرداوي: « تنبيه: إيراد المصنف في منع الوقف على الحمل يختص بما إذا كان الحمل أصلا في الوقف، أما إذا كان تبعا بأن وقف على أولاده أو أولاد فلان وفيهم حمل أو انتقل إلى بطن وفيهم حمل فيصح بلا نزاع، لكن لا يشاركهم قبل ولادته على الصحيح من المذهب، نص عليه.
قال في القاعدة الرابعة والثمانين: هو قول القاضي والأكثرين، وجزم به الحارثي وغيره، وقال يثبت له استحقاق الوقف في حال كونه حملا حتى صحح الوقف على الحمل ابتداء كما تقدم، وأفتى ابن عقيل: الشيخ تقي الدين رحمه الله باستحقاق الحمل من الوقف أيضا ».
وحجته:
1 - ما تقدم من الأدلة على صحة الوقف على الحمل أصالة، فتبعا من باب أولى.
2 - تعلق الاستحقاق بالنسب، فما دام يثبت نسبه من الواقف أو من فلان، استحق الوقف. [ ص: 444 ]
القول الثاني: أنه لا يصح الوقف على الحمل أصالة - كما مر - ولا تبعا.
فإذا قال الواقف: وقفت على أولادي وفيهم حمل، فلا يستحق الحمل شيئا، إلا أن ينفصل حية، فيستحق معهم مطلقا، إلا أن يكون الواقف قد سمى الموجودين أو ذكر عددهم، فلا يدخل الحمل، ولا يستحق من الوقف شيئا.
وهو قول الشافعية.
وحجته: أن الحمل لا يصح تملكه، وشرط الوقف عندهم بالنسبة للموقوف عليه أن يمكن تمليكه.
ونوقش: بعدم التسليم، فالحمل يملك بالميراث والوصية بالإجماع، فكذا الوقف.
الترجيح:
الراجح - والله أعلم - صحة الوقف على الحمل تبعا لغيره؛ لصحته على الحمل أصالة، فتبعه من باب أولى.