المطلب الخامس: الشرط الخامس: أن يكون الموقوف مالا شرعا
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: كون الموقوف مالا مباحا.
هذا الشرط متفق عليه بين الفقهاء؛ لأن المحرم لا قيمة له في الشرع، ولا قبول للصدقة المحرمة عند الله عز وجل - كما قال سبحانه وتعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد .
وقوله تعالى : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان . [ ص: 516 ]
ووقف المال المحرم الذي يستعان به على المحرم من التعاون على الإثم والعدوان.
ولما روى من طريق مسلم أبي حازم، عن رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبي هريرة « إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ».
وما رواه من طريق البخاري أبي صالح، من طريق ومسلم عن سعيد بن يسار، رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أبي هريرة « ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل ».
وما رواه من طريق مسلم عن مصعب بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ابن عمر « لا تقبل صلاة من طهور، ولا صدقة من غلول ».
وفي الشرح الكبير مع الإنصاف: « ولا يصح على الكنائس، وبيوت النار، والبيع، وكتب التوراة والإنجيل؛ لأن ذلك معصية، فإن هذه المواضع بنيت للكفر، وكتبهم مبدلة منسوخة ....وحكم الوقف على قناديل البيعة وفرشها، ومن يخدمها ومن يعمرها كالوقف عليها؛ لأنه يراد لتعظيمها...قال شيخنا - - : ولا نعلم فيه مخالفا » . ابن قدامة