[ ص: 32 ] مطلب : هل تجوز الصلاة والسلام على غير الأنبياء استقلالا أم لا ؟
( تنبيهات ) :
الأول : اختلف العلماء في الصلاة على غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام هل تجوز استقلالا أم لا ؟ فقالابن القيم في جلاء الأفهام : هذه المسألة على نوعين ، أحدهما أن يقال اللهم صل على آل محمد ، فهذا يجوز ويكون صلى الله عليه وسلم داخلا في آله فالإفراد عنه وقع في اللفظ لا في المعنى .
( الثاني ) أن يفرد واحدا بالذكر كقوله اللهم صل على أو علي حسن أو أبي بكر أو غيرهم من الصحابة ومن بعدهم ، فكره ذلك ، قال لم يكن ذلك من عمل من مضى ، وهو مذهب مالك أبي حنيفة وسفيان بن عيينة وبه قال وسفيان الثوري . طاوس
وقال رضي الله عنهما : لا تنبغي الصلاة إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار ، وهذا مذهب ابن عباس . عمر بن عبد العزيز
روى عن ابن أبي شيبة جعفر بن برقان قال : كتب : ( أما بعد فإن ناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة وإن من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا جاء كتابي فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة ) وهذا مذهب أصحاب عمر بن عبد العزيز ، ولهم ثلاثة أوجه : أنه منع تحريم أو كراهة تنزيه أو من باب ترك الأولى وليس ، بمكروه ، حكاها الشافعي النووي في الأذكار .
وقالت طائفة من العلماء : تجوز . قال القاضي الصلاة على غير النبي استقلالا أبو حسين الفراء من أئمة أصحابنا في رءوس مسائله : وبذلك قال الحسن البصري وحصيف ومجاهد ومقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان وكثير من أهل التفسير ، وهو قول الإمام رضي الله عنه مضى عليه في رواية أحمد أبي داود وقد سئل أينبغي أن يصلى على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أليس قال علي صلى الله عليك ؟ لعمر
قال : وبه قال القاضي إسحاق بن راهويه وأبو ثور ، واحتج هؤلاء بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على جماعة من أصحابه ممن كان يأتيه بالصدقة واختار ومحمد بن جرير الطبري ابن القيم الجواز ما لم يتخذه شعارا أو يخص به واحدا إذا ذكر دون غيره ولو كان أفضل منه ، كفعل الرافضة مع دون غيره من الصحابة فيكره ، ولو قيل حينئذ بالتحريم لكان له وجه ، هذا ملخص كلامه . علي
[ ص: 33 ] الثاني : خلافا ومذهبا أو ليس إلا الإباحة فيجوز أن هل السلام كالصلاة أما مذهبنا فقد علمت جوازه من جواز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم استقلالا بالأولى . وأما الشافعية فكرهه منهم يقول السلام على فلان وفلان عليه السلام ؟ فمنع أن يقال فلان عليه السلام . أبو محمد الجويني
وفرق آخرون بينه وبين الصلاة فقالوا السلام يشرع في حق كل مؤمن حي وميت حاضر وغائب ، فإنك تقول بلغ فلانا مني السلام ، وهو تحية أهل الإسلام بخلاف الصلاة فإنها من حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا يقول المصلي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .
الثالث : صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والمرسلين والملائكة جائزة بطريق التبعية بلا خلاف ، مثل أن يقول : اللهم صل على سيدنا الصلاة على غير النبي محمد وعلى صاحبه في الغار ، وعلى الفاروق ممصر الأمصار ، وعلى عثمان ذي النورين الذي بايع عنه النبي صلى الله عليه وسلم باليسار ، وعلى الكرار ، وعلى السبطين خلاصة الأنوار ، وعلى العمين لا سيما علي من فرج الكرب عن وجه النبي المختار . أسد الله
مطلب : اختصاص سيدنا ب " كرم الله وجهه " . علي
( الرابع ) : ذكر ابن كثير أنه قد غلب في عبارة كثير من النساخ للكتب أن يفرد رضي الله عنه بأن يقال عليه السلام من دون الصحابة أو كرم الله وجهه ، وهذا وإن كان معناه صحيحا لكن ينبغي أن يسوى بين الصحابة في ذلك ، فإن هذا من باب التعظيم والتكريم ، والشيخان وأمير المؤمنين علي عثمان أولى بذلك منه انتهى .
قلت : قد ذاع ذلك وشاع وملأ الطروس والأسماع . قال الأشياخ : وإنما خص علي رضي الله عنه بقول كرم الله وجهه لأنه ما سجد إلى صنم قط وهذا إن شاء الله تعالى لا بأس به ، والله الموفق .