مطلب : يكره السؤال في المسجد والتصدق على السائل فيه . 
( السادس ) : قال علماؤنا : يكره السؤال في المسجد والتصدق على السائل فيه  لا على غيره . 
ونص الإمام  أحمد  رضي الله عنه أن من سأل قبل  [ ص: 324 ] خطبة الجمعة ثم جلس لها تجوز الصدقة عليه ، يعني لم تكره الصدقة عليه . 
وكذلك إن تصدق على من لم يسأل أو سأل الخاطب الصدقة على إنسان جاز . 
قال محمد بن بدر    : صليت يوم الجمعة فإذا  أحمد  يقرب مني ، فقام سائل فسأل فأعطاه  أحمد  قطعة ، فلما فرغوا من الصلاة قام رجل فقال للسائل : أعطني القطعة وأعطيك درهما ، فأبى ، فما زال يزيده إلى خمسين ، فقال : لا إني أرجو من بركة هذه القطعة ما ترجوه أنت . 
ذكره الإمام ابن مفلح  في الآداب الكبرى  والبيهقي  في المناقب . 
ونقل عن أبي مطيع البلخي الحنفي    : لا يحل أن يعطى سؤال المساجد . 
وقال  خلف بن أيوب    : لو كنت قاضيا لم أقبل شهادة من تصدق يعني في المساجد . 
واختار صاحب المحيط منهم أنه إن سأل لأمر لا بد منه ، ولا ضرر فلا بأس بذلك ، وإلا كره . 
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية  رضي الله عنه عن السؤال في الجامع هل هو حلال أو حرام أو مكروه أو أن تركه أحب من فعله ؟ أجاب : الحمد لله . 
أصل السؤال محرم في المسجد وخارج المسجد إلا لضرورة ، فإن كان به ضرورة ، وسأل في المسجد ولم يؤذ أحدا كتخطية رقاب الناس ، ولم يكذب فيما يرويه ويذكر من حاله ، ولم يجهر جهرا يضر الناس ، مثل أن يسأل والخطيب يخطب ، أو وهم يسمعون علما يشغلهم به ونحو ذلك ، جاز والله أعلم . 
وسئل أيضا : ما تقول في هؤلاء الصعاليك الذين يطلبون من الناس في الجوامع ويشوشون على الناس ، فهل يجوز الإنكار عليهم بسبب ذلك ، وهل يجوز تقسيم الناس بالست نفيسة وبالمشايخ وغيرهم ؟ أجاب  رضي الله عنه بما لفظه : أما إذا ظهر منهم منكر مثل روايتهم للأحاديث المكذوبة أو سؤالهم ، والخطيب يخطب . 
أو تخبيطهم للناس فإنهم ينهون عن ذلك . 
وكذلك إذا سألوا بغير الله ، سواء سألوا بأحد من الصحابة أو غير الصحابة أو نفيسة ، فالصدقة إنما لوجه الله لا لأحد  [ ص: 325 ] من المخلوقين . 
وأما إذا خلا سؤالهم عن المنكرات وكانوا محتاجين فإنه جائز في أظهر قولي العلماء ، كما جاء عنه  صلى الله عليه وسلم أن سائلا سأل في المسجد فأمر بإعطائه ، والله أعلم . انتهى . . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					