مطلب : في كراهة نوم المرء قبل غسل الفم واليدين من الدسم    : ويكره نوم المرء من قبل غسله من الدهن والألبان للفم واليد   ( ويكره ) تنزيها ( نوم المرء ) من ذكر وأنثى إذا أكل دسما له دهنية أو لبنا ( من قبل غسله ) أي غسل المرء الذي أكل ، ومثله من باشر ذلك  [ ص: 354 ] حتى حصل له تلويث به ولو لم يأكل ( من الدهن ) الجار والمجرور متعلق بغسله . 
والدهن كل ما له دهنية من الودك والسمن والزيت ونحوها ( و ) من ( الألبان ) جمع لبن لأن لأثره دسما وزهومة وقد قدمنا من حديث  أبي هريرة  رضي الله عنه عن النبي  صلى الله عليه وسلم أنه قال { من بات وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه    } إسناد حسن . رواه الإمام أحمد وأبو داود  والترمذي  وغيرهم . 
قال في النهاية : الغمر بالتحريك الدسم والزهومة من اللحم كالوضر من السمن ، والوضر الأثر من غير الطيب ، ومنه حديث { جعل يأكل ويتتبع باللقمة وضر الصحفة    } أي دسمها وأثر الطعام فيها . 
وفي حديث أم هانئ    { فسكبت له في صحفة إني لأرى فيها وضر العجين    } . 
وفي صحيح  البخاري  عن  ابن عباس  رضي الله عنهما { أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم شرب لبنا فمضمض ، وقال : إن له دسما    } . ورواه  البخاري  أيضا  وابن ماجه  وغيرهما من حديث  أنس  رضي الله عنه ولفظه { أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم حلب شاة وشرب من لبنها ودعا بماء فمضمض فاه وقال : إن له دسما    } 
وأما ما رواه أبو الحسن بن الضحاك  عن  أنس  رضي الله عنه { أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم شرب لبنا فلم يتمضمض ولم يتوضأ    } فضعيف ، وعلى فرض ثبوته فيكون تركه  صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز ، ونحن إنما نقول بالكراهة حيث ترك غسل أثر الدهن واللبن ونحوهما مما له دسومة عند إرادة النوم ( للفم ) متعلق بغسله ( واليد ) معطوف عليه . 
وقد تقدم حديث { إن الشيطان حساس لحاس فاحذروه على أنفسكم ، من بات وفي يده ريح غمر فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه    } رواه الترمذي  وحسنه  والحاكم    . وتقدم الكلام على هذا في آداب الأكل وهذا إنما ذكر هنا لأنه من آداب النوم أيضا ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					