مطلب : في بيان ما يجوز اتخاذه من الفضة والذهب :  فمما اعتمده المتأخرون من الذي يباح من الفضة للرجال الخاتم ولو زاد على المثقال ما لم يخرج عن العادة . 
وله جعل فصه منه أو من غيره ، ولو من ذهب إن كان يسيرا . 
وقبيعة سيف ، وحلية منطقة ، وحلية جوشن ، وبيضة - وهي الخوذة - وخف وران ، وهو شيء يلبس تحت الخف . 
وحمائل سيف ، ومغفر ، ورأس رمح ، وشعيرة السكين ، والتركاش ، والكلاليب . 
ومن الذهب قبيعة السيف . 
وذكر  ابن عقيل  أن قبيعة سيف النبي  صلى الله عليه وسلم كانت ثمانية مثاقيل . 
وما دعت إليه ضرورة كأنف وربط سن أو أسنان به . 
ويباح للنساء منهما ما جرت عادتهن بلبسه ، كطوق ، وخلخال ، وسوار ، ودملج ، وقرط ، وعقد ، وهو القلادة ، وتاج ، وخاتم ، وما في المخانق والمقالد من حروز وتعاويذ وما أشبه ذلك ، قل أو كثر ، ولو زاد على ألف مثقال ، حتى دراهم ودنانير معراة أو في مرسلة ، والله أعلم . 
مطلب : تحريم الأواني أشد من تحريم اللباس المنسوج بالفضة . 
( تنبيهات ) : 
( الأول ) : تحريم الأواني أشد من تحريم اللباس المنسوج بالفضة ، لتحريم الآنية على الرجال والنساء ، دون اللباس ، فإنه مباح للنساء . 
قال في الفروع : ولم أجدهم احتجوا على تحريم لباس الفضة على الرجال ولا  [ ص: 207 ] أعرف في التحريم نصا عن الإمام  أحمد  رضي الله عنه . 
وكلام شيخنا  يدل على إباحة لبسها للرجال إلا ما دل الشرع على تحريمه . 
وقال أيضا ، يعني شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية  رضي الله عنه : لبس الفضة إذا لم يكن فيه لفظ عام بالتحريم لم يكن لأحد أن يحرم منه إلا ما قام الدليل الشرعي على تحريمه . 
فإذا أباحت السنة خاتم الفضة دل على إباحة ما في معناه ، وما هو أولى منه بالإباحة ، وما لم يكن كذلك فيحتاج إلى نظر في تحريمه . 
يؤيده  قوله تعالى { خلق لكم ما في الأرض جميعا     } والتحريم يفتقر إلى دليل ، والأصل عدمه . 
وأطال في الاستدلال . 
فعلى كلامه  رضي الله عنه تباح تحلية الأسلحة بالفضة  ، وكذا الذهب في ما نقله عنه في الفروع ، وعبارته : وقيل : يباح يعني الذهب في سلاح  واختاره شيخنا  ، وقيل : كل ما أبيح تحليته بفضة أبيح بذهب . 
وقال في موضع آخر : وجزم ابن تميم  بأنه لا يباح تحلية السكين بالفضة    . 
وفي الرعاية الصغرى بالعكس . 
ويدخل في الخلاف تركاش النشاب والكلاليب لأنها يسير تابع . 
وواحد الكلاليب كلوب بفتح الكاف وضم اللام المشددة ، ويقال أيضا كلاب . انتهى . 
( الثاني )   : متى استهلك ما قلنا يحرم من الذهب والفضة فيما حلي به أو موه به فلم يجتمع منه شيء لو أزيل أو عرض على النار  فله استدامته ، ولا زكاة فيه لعدم الفائدة ، وذهاب المالية . 
ولما ولي  عمر بن عبد العزيز  رضي الله عنه الخلافة أراد جمع ما في مسجد دمشق  مما موه به من الذهب ، فقيل له : إنه لا يجتمع منه شيء فتركه والله أعلم . 
( الثالث ) : فهم من تنصيص الناظم  على اختصاص الذهب والفضة بالمنع إباحة التحلي بالجوهر ونحوه للرجال والنساء  ، وهو كذلك ، والله أعلم . 
مطلب : في بعض أحاديث وردت في الزجر عن استعمال أواني الذهب والفضة والتحلي بهما . 
( الرابع ) : في بعض أحاديث عن المصطفى  صلى الله عليه وسلم وردت في الزجر عن استعمال أواني الذهب والفضة  والتحلي بهما في الجملة . 
 [ ص: 208 ] روى  البخاري   ومسلم  عن  أم سلمة  رضي الله عنها أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال { الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم    } . وفي رواية  لمسلم    { إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم    } . وفي أخرى له { من شرب في إناء من ذهب أو فضة فإنما يجرجر في بطنه نارا من جهنم    } قال في المطالع : بضم الراء وفتحها فمن نصب جعل الجرجرة بمعنى الصب ، وإليه ذهب  الزجاج    . 
أي إنما يصب في بطنه نار جهنم . 
والجرجرة الصوت المتردد في الحلق . وجرجر الفحل : إذا ردد صوته في حلقه . وقد يصح النصب على هذا أيضا إذا عدي الفعل وإليه ذهب الأزهري    . 
قال : ووقع في بعض طرقه في  مسلم    { كأنما يجرجر في بطنه نارا من نار جهنم    } قال : وهذا يقوي رواية النصب . انتهى . 
وأخرج  البخاري   ومسلم  أيضا عن  حذيفة  رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يقول { لا تلبسوا الحرير ، ولا الديباج ، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ، ولكم في الآخرة    } . 
قال في القاموس : الديباج معروف معرب يعني أنه من أنواع الحرير ، وهو ما غلظ منه وهو معرب لا عربي . 
وروى  الطبراني  ورواته ثقات إلا عبد الله بن مسلم أبا طيبة  عن  ابن عمر  رضي الله عنهما قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : { من لبس الحرير وشرب في الفضة فليس منا . ومن خبب امرأة على زوجها أو عبدا على مواليه فليس منا    } . وأخرج الإمام  أحمد  عن أبي أمامة  رضي الله عنه أنه سمع النبي  صلى الله عليه وسلم يقول { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريرا ، ولا ذهبا    } رواته ثقات . 
وروى الإمام أيضا  والطبراني  ورواة الإمام ثقات عن  ابن عمر  مرفوعا { من مات من أمتي ، وهو متحلي الذهب حرم الله عليه لباسه في الجنة    } والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					