مطلب : في بيان . مكان إرسال العذبة
الثامن : اختلف العلماء - رحمهم الله تعالى - في مكان إرسال العذبة على أقوال :
الأول [ ص: 253 ] : إرسالها من بين يديه ومن خلفه
وفي بسند ضعيف عن الطبراني رضي الله عنه { ثوبان } . وكذا روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اعتم أرخى عمامته من بين يديه ومن خلفه أن أبو موسى المديني رضي الله عنه فعل كذلك وسنده ضعيف أيضا . عليا
وكذا روى أبو داود بسند ضعيف عن أنه قال { عبد الرحمن بن عوف } . : عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسدلها من بين يدي ومن خلفي
والحديث الثابت من عدة طرق أنه لما عممه أرسل العذبة من خلفه .
وقد روي أن ابن عباس رضي الله عنهما أرخيا العذبة من بين يديهما ومن خلفهما . وابن عمر
قال الإمام رحمه الله : إنه لم ير أحدا ممن أدركه يرخيها من بين كتفيه إلا من بين يديه . مالك
قال ابن الحاج : وهذا يدل على أن عمل التابعين على إرسال العذبة من بين يديهم .
قال : والعجب من قول بعض المتأخرين إن إرسال الذؤابة بين اليدين بدعة مع وجود هذه النصوص وتوقف بعض الحفاظ في جعلها من قدام لكونه من سنة أهل الكتاب وهدينا مخالف لهديهم .
وقولهم من بين يديه ، ومن خلفه يحتمل أن يكون بالنظر لطرفيها حيث يجعل أحدهما خلفه ، والآخر بين يديه ، ويحتمل إرسال الطرف الواحد بين يديه ثم رده من خلفه بحيث يكون الطرف الواحد بعضه بين يديه وبعضه خلفه كما يفعله كثيرون ويحتمل أن يكون فعل كل واحد منهما مرة ، ذكر ذلك الشمس الشامي في السيرة .
الثاني : . إرسالها من الجانب الأيمن
فقد روى بسند ضعيف عن الطبراني أبي أمامة رضي الله عنه قال : { } وتقدم . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يولي واليا حتى يعممه بعمامة ويرخي لها عذبة من الجانب الأيمن نحو الأذن
( الثالث ) : وهذا عليه عمل كثير من إرسالها من الجانب الأيسر الصوفية .
وقد روى بسند حسن الطبراني والضياء المقدسي في المختارة عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال { إلى عليا خيبر فعممه بعمامة سوداء ثم أرسلها وراءه ، أو قال على كتفه اليسرى } ، هكذا بالشك . : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ص: 254 ] وقد سئل الحافظ ابن حجر عن مستند الصوفية في . إرخاء العذبة على الشمال
فأجاب : أما مستند الصوفية في إرخاء العذبة على الشمال فلا يلزمهم بيانه ; لأن هذا من جملة الأمور المباحة ، فمن اصطلح على شيء منها لم يمنع منه ، ولا سيما إذا كان شعارا لهم . انتهى .
الرابع : إرسالها خلف ظهره بين كتفيه وهذا هو الأكثر الأشهر الصحيح .
وقد ذكر بعض الحنفية أنه يرخيها إلى موضع الجلوس ، وإلى الكعبين .
وقد روى عن أبو موسى المديني خطاب الحمصي قال حدثنا عن بقية بن الوليد مسلم بن زياد القرشي قال : رأيت أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبهر بن مالك وأبا المنبث وفضالة بن عبيد وروح بن سافر أو يسار بن روح رضي الله عنهم يلبسون العمائم ويرخونها من خلفهم وثيابهم إلى الكعبين .
قال الشمس الشامي : يحرر ، هل المراد الثياب إلى الكعبين أو العذبة . انتهى .
فإن اللفظ صالح لهما بل كونه راجعا إلى الثياب أقرب ; لأنه أقرب مذكور ، والله أعلم .