مطلب : المشيات عشرة أنواع ( تنبيهات ) : 
( الأول ) : قال الإمام المحقق ابن القيم  في زاد المعاد : المشيات عشرة أنواع  ، أحسنها وأسكنها مشية رسول الله  صلى الله عليه وسلم . 
قال  علي بن أبي طالب  رضي الله عنه : { كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب    } . 
وقال مرة : { إذا مشى تقلع    } ، والتقلع الارتفاع من الأرض بجملته كحال المنحط في الصبب ، يعني يرفع رجليه من الأرض رفعا بائنا بقوة ، والتكفؤ التمايل إلى قدام ، كما تتكفأ السفينة في جريها ، وهو أعدل المشيات . 
قلت : وفي مسند الإمام  أحمد  والترمذي  عن  أبي هريرة  رضي الله عنه قال : { ما رأيت أحدا أسرع مشية من رسول الله  صلى الله عليه وسلم لكأنما الأرض تطوى له ، كنا إذا مشينا معه نجهد أنفسنا ، وإنه لغير مكترث    } . 
وروى الإمام  أحمد  عن  ابن عباس  رضي الله عنهما { أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل    } .  [ ص: 349 ] وابن سعد  عن مرثد بن مرشد  قال : { كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم إذا مشى أسرع حتى يهرول الرجل فلا يدركه    } . 
وروي عن  علي  رضي الله عنه قال : { كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحدر من صبب    } . ورواه  البخاري  وزاد : { وإذا مشى لكأنما يمشي في صعد    } . وفي رواية لابن سعد  عنه  رضي الله عنه { أنه  صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب    } . وروي أيضا عنه : { كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم إذا مشى تقطع كأنما ينحدر من صبب    } . 
فدلت هذه الأحاديث وأمثالها مما لم نذكر أن مشيته  صلى الله عليه وسلم لم تكن بمماتة ولا بمهانة ، والصبب بفتح الصاد المهملة والباء الموحدة الأولى : الموضع المنحدر من الأرض ، وذلك دليل على سرعة مشيه ; لأن المنحدر لا يكاد يثبت في مشيه ، والتقطع الانحدار من الصبب ، والتقطع من الأرض قريب بعضه من بعض . 
يعني أنه كان يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحالة استعجال ومبادرة شديدة ، وأراد به قوة المشي ، وأنه يرفع رجليه من الأرض رفعا قويا لا كمن يمشي اختيالا ويقارب خطوه ، فإن ذلك من مشي النساء . 
نعم ينبغي للإنسان أن يقارب خطاه إذا كان ذاهبا إلى المسجد لأجل الصلاة كما مر . 
فأعدل المشيات مشيته  صلى الله عليه وسلم فإن الماشي إن كان يتماوت في مشيته ويمشي قطعة واحدة كأنه خشبة محمولة فمشية قبيحة مذمومة . 
قال ابن القيم  رحمه الله : الثانية من المشيات : أن يمشي بانزعاج واضطراب ، مشي الجمل الأهوج ، وهي مذمومة أيضا ، وهي علامة على خفة عقل صاحبها ، ولا سيما إن كان يكثر الالتفات يمينا وشمالا . 
الثالثة : أن يمشي هونا وهي مشية عباد الرحمن . 
قال غير واحد من السلف    : بسكينة ووقار من غير كبر ولا تماوت ، وهي مشية رسول الله  صلى الله عليه وسلم . 
 [ ص: 350 ] الرابعة : السعي . الخامسة : الرمل وتسمى الخبب ، وهي إسراع المشي مع تقارب الخطا بخلاف السعي . السادسة : السيلان ، وهو العدو الخفيف بلا انزعاج . 
السابعة : الخوزلى ، وهي مشية فيها تكبر وتخنث . الثامنة : القهقرى وهي المشي إلى ورائه . 
التاسعة : الجمزى يثب فيها وثبا . العاشرة : التمايل كمشية النسوان . وإذا مشى بها الرجل كان متبخترا . وأعلاها مشية الهون والتكفؤ انتهى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					