مطلب : في عدم حرمة استعمال ما فيه صورة  إذا كانت ممتهنة . 
( وما ) أي الذي ( لم يدس منها ) أي من الصور ، أو الفرش ، والمخاد التي فيها الصور ( لوهن ) أي لضعف وإهانة واحتقار . هذا مراد الناظم   [ ص: 168 ] بالوهن هنا وفي بعض النسخ بدل هذه اللفظة اكرهن ( فشدد ) وعلى النسخة الأخرى بتشدد . 
وحاصل هذا أن الصورة إنما تحرم إذا لم تكن ممتهنة ، وأما إذا كانت ممتهنة كما إذا كانت في البسط والزلالي التي يداس عليها وتمتهن ، أو كانت رقما في مداس يوطأ عليها فلا تحرم لما قدمنا من حديث  عائشة  رضي الله عنها كما في الصحيحين وغيرهما { أنها نصبت سترا فيه تصاوير فدخل رسول الله  صلى الله عليه وسلم فنزعه . قالت : فقطعته وسادتين يرتفق عليهما    } . 
وفي لفظ للإمام  أحمد    : { فقطعته مرفقتين فلقد رأيته متكئا على إحداهما وفيها صورة    } . فإذا منع من نصبه سترا على الحائط وتعليقه فلأن يكون ممنوعا من لبسه أولى . فإذا زال الإكرام وخلفه الامتهان بأن صار يداس ما فيه الصور زالت الحرمة . قال في الإقناع : لا افتراشه ، أي لا يحرم افتراش ما فيه الصور وجعله مخدا  بلا كراهة . 
وتكره الصلاة على ما فيه صورة  ، ولو على ما يداس ، والسجود عليها أشد كراهة . ولا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة يعني محرمة على ما سبق في الكلب قال  عليه الصلاة والسلام { إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة    } يعني ملائكة الرحمة ، والبركة كما مر . 
وأخرج الترمذي  ، وقال حسن صحيح عن  جابر  رضي الله عنه { نهى رسول الله  صلى الله عليه وسلم عن الصورة في البيت ، ونهى أن يصنع ذلك    } فإن أزيل من الصورة ما لا تبقى معه حياة  لم تكره في المنصوص ، بأن أزيل منها رأسها ، أو لم يكن لها رأس ، لا أن فصل رأسها عن بدنها بما يشابه الطوق مما يزيدها حسنا فهذا لا تزول به الحرمة . 
قال في الإقناع وغيره : وتباح صورة غير حيوان كشجر وكل ما لا روح فيه  ، وقال في الغاية : وجاز تصوير غير حيوان كشجر . انتهى . وفي الفروع : وإن أزيل من الصورة ما لا تبقى معه حياة لم تكره . ومثله صورة شجر ونحوه وتمثال ، وكذا تصويره فأطلق بعضهم تحريم التصوير خلافا للثلاثة .  [ ص: 169 ] 
وفي الوجيز : يحرم التصوير واستعماله . وفي الفصول : تكره في الصلاة صورة ، ولو على ما يداس لقوله  صلى الله عليه وسلم { لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة    } وكلام الأصحاب هنا وفي الوليمة ظاهر ، وبعضه صريح أن الملائكة لا تمنع من دخوله تخصيصا للنهي . وذكره في التمهيد في تخصيص الأخبار . وفي تتمة الخبر من حديث  علي  رضي الله عنه { ولا كلب ولا جنب    } إسناده حسن . 
قال في الفروع : وظاهر كلامهم ، أو صريح بعضهم المراد كلب منهي عن اقتنائه ; لأنه لم يرتكب نهيا ، كرواية  النسائي  عن سليمان بن ثابت  عن  أم سلمة  مرفوعا { لا تدخل الملائكة بيتا فيه جرس ، ولا تصحب الملائكة رفقة بها جرس    } قال : ويتوجه احتمال : وكذا الجنب . وذكر شيخنا    : لا تدخل الملائكة عليه إلا أن يتوضأ . وجزم به في الإقناع . قال في الفروع وفي الإرشاد : الصور والتماثيل مكروهة عنده في الأسرة ، والجدران وغير ذلك إلا أنها في الرقم أيسر ، وقد علمت أن المعتمد الحرمة . وكأن الناظم  أشار إلى هذا القول على ما في بعض النسخ وما لم يدس منها اكرهن بتشدد والله أعلم . 
( تتمة ) يكره الصليب في الثوب ونحوه  ، جزم به في الإقناع ، والمنتهى . وظاهر نقل صالح  تحريمه ، وصوبه في الإنصاف ، وذكره في الفروع احتمالا . 
				
						
						
