مطلب : في جواز الوسم بغير الوجه : وحل بغير الوجه وسم بهائم وفي الأشهر اكره جز ذيل ممدد   ( وحل ) أي أبيح ( ب ) أي موضع من الحيوان ( غير الوجه وسم ) بالسين المهملة ، والمراد به الكي قال عياض    : وبعضهم يقول : بمهملة وبمعجمة ، وبعضهم قال : بمهملة في الوجه وبمعجمة في بقية سائر الجسد ( بهائم ) جمع بهيمة سميت بذلك ; لأنها لا تتكلم ، وقد علمت من كلام الناظم  حل الوسم في غير الوجه  ، ومفهوم نظامه عدم الحل في الوجه ، وهو ظاهر الرعاية . 
وفي الآداب الكبرى : لا يسم في الوجه ولا بأس به في غيره قال  جابر    {   : نهى رسول الله  صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه وعن وسم الوجه    } . وفي لفظ { مر عليه بحمار قد وسم في وجهه ، فقال : لعن الله من وسمه    } . وعن  ابن عباس  رضي الله عنهما قال {   : رأى رسول الله  صلى الله عليه وسلم حمارا موسوم الوجه فأنكر ذلك فقال : والله لا أسمه إلا في أقصى شيء من الوجه وأمر بحماره  [ ص: 33 ] فكوى على جاعرتيه فهو أول من كوى الجاعرتين    } رواه  مسلم    . 
قال الجوهري    : الجاعرتان موضع الرقمتين من است الحمار ، وهو مضرب الفرس بذنبه على فخذيه . قال  الأصمعي    : هما حرفا الوركين المشرفان على الفخذين ، وقال في القاموس : الجاعرتان موضع الرقمتين من است الحمار ومضرب الفرس بذنبه على فخذيه أو حرفا الوركين المشرفين على الفخذين ، وقال في مطالع الأنوار : قوله فكان يسم في الجاعرتين رقمتين يكتنفان ذنب الحمار انتهى . 
قال في الآداب الكبرى صرح في المستوعب في موضع : أن السمة في الوجه مكروهة ، وظاهر كلامه في الرعاية أن السمة في الوجه لا تجوز قال : وهو أولى انتهى . قال في الآداب وغيره سئل الإمام  أحمد  رضي الله عنه عن الغنم توسم قال : توسم ولا تعمل في اللحم يعني يجز الصوف ، نقله ابن هانئ  قال ابن مفلح  ، وظاهره التحريم . 
وقال النووي  من الشافعية : الضرب في الوجه منهي عنه في كل حيوان لكنه في الآدمي أشد قال : والوسم في الوجه منهي عنه إجماعا ، فأما الآدمي فوسمه حرام ، وأما غير الآدمي فكرهه جماعة من أصحابنا قال البغوي    : لا يجوز ، وهو الأظهر ، وقال النووي  أيضا في موضع آخر : وغير الآدمي فوسمه في وجهه منهي عنه . 
وأما غير الوجه فيستحب في نعم الزكاة ، والجزية {   ; لأنه  عليه الصلاة والسلام وسمها في آذانها    } ، وهو يدل على أن الأذن ليست من الوجه لنهيه عن وسم الوجه قال  الخطابي    : ويجوز في غيرهما يعني غير نعم الزكاة ، والجزية ، وعند  أبي حنيفة  لا يستحب الوسم ، بل يكره . 
والحاصل أن الوسم إما أن يكون في آدمي ، أو لا  الأول حرام ، والثاني إما أن يكون في الوجه ، أو لا ، الأول حرام أيضا ، وعلى الثاني : إما أن يكون الموسوم من نعم الصدقة أو الجزية ، ومثلها فرس حبيس ، ونحوها فيستحب فيها ويجوز فيما عداها . 
هذا مفهوم كلام جماعة منهم صاحب الآداب ، والمذهب المعتمد : تحريم الوسم في الوجه ، وهو في الآدمي أشد حرمة قال  ابن عقيل    : لا يجوز الوسم إلا لمداواة ، وقال : يحرم لقصد المثلة ويجوز لغرض صحيح ، فظهر أنه لا يكون الوسم مستحبا ، وإنما غايته الجواز وفعله  صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز لا الاستحباب والله أعلم . 
				
						
						
