مطلب : في . كراهة أن يأتي الرجل أهله طروقا
( ولا سيما ) هذه كلمة تدخل ما بعدها فيما قبلها بطريق الأولى أي يكره دخول الهاجم من غير استئذان ولا إعلام كراهة أشد من الأولى حيث كان الهاجم قادما ( من سفرة ) كان قد سافرها ولو كانت قريبة ( و ) أشد من ذلك حيث كان قادما من مكان ذي ( تبعد ) أي بعد ، فإذا كان الإنسان مسافرا سفرا بعيدا كره له أن يأتي ليلا ، { } . ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى إذا أطال الرجل الغيبة أن يأتي أهله طروقا
وفي رواية { } . نهى أن يطرق أهله ليلا يتخونهم أو يطلب عثراتهم
قال : أخبرني الخلال محمد بن موسى أن أبا عبد الله سئل عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم { } قال : نعم يؤذنهم قبل بكتاب ، وهذا الخبر في الصحيحين من حديث لا تأتوا النساء طروقا وفي آخره { جابر } . كي تمتشط الشعثة وتستحد المعنية
وفي { مسلم } وفيهما عن يتخونهم أو يطلب عثراتهم { جابر } وهو بضم الطاء أي ليلا . نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أطال الرجل الغيبة أن يجيء أهله طروقا
يقال لكل من أتاك ليلا طارق ، ومنه قوله تعالى { والسماء والطارق } يعني النجم ; لأنه يطرق بطلوعه ليلا .
وقوله في الحديث { } أي تصلح من شأن نفسها ، والاستحداد مشتق من الحديد ، وهو إزالة الشعر بالموسى . تستحد
وقوله ( { } يعني ذات العانة ، يقال : استعان الرجل يعني إذا حلق عانته ، واستعمل الاستحداد على طريق الكناية والتورية والمراد كي تمتشط وتهيئ حالها ، وتزيل الشعر الذي تعافه النفوس وهو شعر العانة . المعنية
قال النووي في شرح : معنى هذه الروايات كلها أنه يكره لمن طال [ ص: 312 ] سفره أن يقدم على امرأته ليلا بغتة ، قال : وأما إذا كان سفره قريبا تتوقع امرأته إتيانه ليلا فلا بأس . انتهى . مسلم
( تنبيهان ) :
( الأول ) : استوجبه صاحب الآداب الكبرى أن من حرم عليه ذلك ; لأنه من التجسس والإكراه . طرق أهله ليلا طلبا لعثراتهم وتتبعا لعوراتهم
قال : وإنما خص النبي صلى الله عليه وسلم الليل بذلك ; لأنه الغالب لا لاختصاص الحكم .
وقول الإمام يؤذنهم بكتاب يقتضي ذلك ، وإلا لكان قال أحمد يدخل نهارا وهو ظاهر إطلاق الناظم ، فإن كلامه يشمل النهار كالليل . الإمام
( الثاني ) : ظاهر إطلاق كلام الناظم عدم الفرق بين السفر القصير والبعيد ، بل يدل عطفه البعيد على السفر أن المراد بالمعطوف عليه القصير كما هو شأن العطف .
نعم ظاهر كلام الحجاوي عدم الكراهة في السفر القريب كما قال النووي ، والله أعلم .