مطلب : في . جلوس الداخل حيث أجلسه رب المنزل
( الرابعة ) : إذا دخل يجلس حيث أجلسه رب المنزل ، وقيل : بل حيث انتهى منه كذا في الرعاية . وفي الآداب الكبرى : وحاصل ذلك وتحقيقه : أنه إن أمره صاحب المنزل بالجلوس في مكان منه لم يجز أن يتعداه ; لأنه ملكه وسلطانه وتكرمته .
ولهذا لو لم يأذن في الدخول لم يجز ، ولو أمره بالخروج لم يجز له المقام فيه . وهذا واضح .
[ ص: 318 ] وإن لم يأمره بالجلوس في مكان منه فهل يجلس وأين يجلس ، ينبغي أن ينظر إلى عرف صاحب المنزل وعادته في ذلك ، فلا يجوز أن يتعداه ، يعني عرفه وعادته ; لأنه خاص فيقيد المطلق كالكلام .
فإن خالف صاحب المنزل عادته بأن أمره أو أذن له في شيء وافقه إن ظن ذلك منه ظاهرا وباطنا ، وكذا إن شك ، حملا لحال المكلف على الصحة والسلامة أجابه .
وإن ظن أنه فعل معه ذلك ظاهرا لا باطنا لمعنى من المعاني لم يجبه ; لأن المقاصد معتبرة . ثم يجلس فيما يظن إذنه فيه ظاهرا وباطنا . ويعمل في ذلك بالقرائن والأمارات وظواهر الحال .
فإن لم يكن له عرف ولا عادة فالعرف والعادة في ذلك الجلوس بلا إذن خاص فيه لحصول الإذن فيه بإذن في الدخول . ثم إن شاء جلس أدنى المجلس لتحقق جوازه مع سلوك الأدب ، وهذا أولى .
وإن شاء عمل بالظن في جلوسه فيما يأذن فيه صاحب المنزل ، وهو أقرب إلى عوائد الناس . ودخل ابن يزيد النحوي على بنية زائر له فوجده جالسا بالأرض إلى وسادة قال فقلت له إني قد رضيت لنفسي ما رضيت لنفسك ، فقال : إني لا أرضى لك في بيتي بما أرضى به لنفسي فاجلس حيث تؤمر . ابن سيرين