مطلب : في أن للخوف أسبابا وأنه واجب على كل مؤمن .
قال في تبصرته في قوله تعالى { الإمام الحافظ ابن الجوزي وخافون إن كنتم مؤمنين } : . فمنها الخوف بسابق الذنب ، ومنها حذر التقصير في الواجبات ، ومنها الخوف من السابقة أن تكون على ما يكره ، ومنها خوف الإجلال والتعظيم كما قال تعالى { الخوف واجب على كل مؤمن ، وهو واقع بأسباب يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون } ومن تفكر فيما عليه في [ ص: 465 ] السابق لم يزل منزعجا خائفا خوفا لا يملك رده .
واعلم أن الخوف إذا أفرط قتل ، والمحمود منه المتوسط وهو الذي يقمع الشهوات ، ويكدر اللذات ، ويكف الجوارح عن المعاصي ويلزمها الطاعة . وقد ينحل البدن ، ويذهب الوسن ، ويزيد به البكاء ، ولذلك قيل : ليس الخائف من بكى وعصر عينيه ، وإنما الخائف من ترك ما يعذب عليه .
وأخرج في كتاب الثواب أبو الشيخ عن والبيهقي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { العباس بن عبد المطلب } . إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها
وأخرج وقال صحيح الإسناد عن الحاكم رضي الله عنهما قال { ابن عباس يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة } تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على أصحابه ، فخر فتى مغشيا عليه ، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو يتحرك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا فتى قل : لا إله إلا الله فقالها فبشره بالجنة . فقال أصحابه : يا رسول الله أمن بيننا ، فقال أوما سمعتم قوله تعالى { ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد } } لما أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم هذه الآية {
، وهو سوط يسوق المتواني ، ويقوم الأعوج ، ويرد الشارد ، والله الموفق . . وللخوف مناقب ومآثر كثيرة جدا