مطلب : يسن : ويحسن قبل المسح لعق أصابع وأكل فتات ساقط بتثرد ( ويحسن ) أي يسن لمن فرغ من أكله ( قبل المسح ) أي قبل مسح يده بنحو المنديل ( لعق ) أي لحس . قال في القاموس : لعقه كسمعه لعقة ويضم لحسه ( أصابع ) جمع أصبع وذلك لفعله صلى الله عليه وسلم وقوله . لعق الأصابع
فقد روى عن البزار رضي الله عنه { عامر بن ربيعة } وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاث أصابع ويلعقهن إذا فرغ بسند رجاله ثقات غير الطبراني محمد بن كعب بن عجرة . والحسين بن إبراهيم الأدنى عن وأبو بكر الشافعي رضي الله عنه قال { كعب بن عجرة } . وروى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بأصابعه الثلاث بالإبهام والتي تليها ، والوسطى ، ثم رأيته يلعق أصابعه الثلاث حين أراد أن يمسحها قبل أن يمسحها ويلعق الوسطى ، ثم التي تليها ، ثم الإبهام أيضا بسند جيد عن الطبراني رضي الله عنه قال { أبي هريرة } وروى : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل لعق أصابعه ، وقال : إن لعق الأصابع بركة مسلم وابن أبي شيبة وابن سعد عن وأبو بكر الشافعي رضي الله عنه { كعب بن مالك } ، ولفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاث أصابع ، فإذا فرغ لعقها أبي بكر { } . يأكل بثلاث أصابع ولا يمسح يده حتى يلعقها عن وعبد الرزاق [ ص: 125 ] رحمه الله تعالى { عروة بن الزبير } أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث الإبهام واللتين يليانها
وأخرج الإمام أحمد ، والبخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم عن رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { ابن عباس } . : إذا أكل أحدكم طعاما فلا يمسح أصابعه حتى يلعقها
وأخرج الإمام عن أحمد حفصة رضي الله عنها وغيره عن ومسلم رضي الله عنه قال { أنس } ، وقال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعاما لعق أصابعه الثلاث } { : إذا وقعت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان } وذكر في الآداب نحو هذا الحديث عن وأمر بسلت القصعة ، وقال : إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة مرفوعا { جابر } رواه إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذى ولا يدعها للشيطان ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه أو يلعقها ، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة . مسلم
والمنديل بكسر الميم مأخوذ من الندل ، وهو النقل ; لأنه ينقل وقيل : لأن الوسخ يندل به يقال : تندلت بالمنديل . قال الجوهري : ويقال أيضا تمندلت وأنكرها وفي القاموس المنديل بالكسر ، والفتح ، وكمنبر الذي يتمسح به وتندل به وتمندل تمسح . الكسائي
وعنه رضي الله عنه { } رواه أنه صلى الله عليه وسلم أمر بلعق الأصابع والصحفة ، وقال : إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة . قال الإمام مسلم ابن القيم في الهدي : كان صلى الله عليه وسلم لا يرد موجودا ولا يتكلف مفقودا ، وما قرب إليه شيء من الطعام إلا أكله إلا أن تعافه نفسه فيتركه من غير تحريم ، وما عاب طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه . ولم يكن من عادته صلى الله عليه وسلم حبس نفسه الشريفة على نوع واحد من الأغذية لا يتعداه إلى غير ذلك ، فإن ذلك يضر بالطبيعة جدا ، ولو أنه أطيب ، بل كان صلى الله عليه وسلم يأكل ما جرت عادة أهل بلده بأكله من اللحم ، والفاكهة ، والخبز والتمر كما مر .
وكان صلى الله عليه وسلم يراعي صفة الأطعمة وطبائعها واستعمالها على قاعدة الطب ، فإذا كان في أحد الطعامين ما يحتاج إلى كسر وتعديل كسره وعدله بضده إن أمكن كتعديله حرارة الرطب بالبطيخ كما سيأتي . قال وكان إذا فرغ من طعامه لعق أصابعه ولم [ ص: 126 ] تكن لهم مناديل يمسحون بها أيديهم ولم تكن عادتهم غسل أيديهم كلما أكلوا انتهى .
وقال في السيرة الشامية : ولا عبرة بكراهة الجهال للعق الأصابع استقذارا . نعم لو كان ذلك في أثناء الأكل فينبغي اجتنابه ; لأنه يعيد أصابعه وعليها أثر ريقه وعزاه للإمام ابن القيم ، وهو جيد جدا والله أعلم .