مطلب : في : وما عفته فاتركه غير معنف ولا عائب رزقا وبالشارع اقتد ( وما ) أي طعام ( عفته ) أي كرهته ، يقال عاف الطعام أو الشراب ، وقد يقال في غيرهما يعافه إذا كرهه ( فاتركه ) ولا تلزم نفسك أكله ولا [ ص: 136 ] تكلفها تناوله ، فإن الطبيعة إنما تختار ما يصلحها وتعاف ما يفسدها غالبا حال كونك ( غير معنف ) أي موبخ ومقرع . ترك ما تعافه النفس بلا تعنيف ولا عيب
وفي الحديث { } قال في النهاية : التعنيف التوبيخ والتقريع واللوم يقال أعنفته وعنفته . أراد الناظم أنك إذا عفت شيئا فاترك أكله ولكن لا تعنف من أكله فرب شيء يعافه قوم دون آخرين هذا إذا لم يعلم تحريمه وإلا بأن كان تحريمه مجمعا عليه ، أو كان فيه خلاف ، والذي يأكله يعتقد حرمته عنف ووبخ على ذلك وأنكر عليه ; لأنه من إنكار المنكر ، فمن عاف شيئا غير محرم لم يلزمه تناوله وليس له الإنكار على متناوله { إذا زنت أمة أحدكم فليحدها ولا يعنفها
وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من أكل الضب } كما في الصحيحين { . رضي الله عنهما فقيل له : أحرام هو ؟ قال : لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه ابن عباس } رواه الشيخان وفي سنن عن أبي داود { : يا رسول الله أراك تقذرته خالد } وذكر تمام الحديث . لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الضبين المشويين بزق فقال
وفي رواية { لمسلم } ومن ثم انعقد الإجماع على حل الضب ( ولا ) أي وغير ( عائب رزقا ) ساقه الله إليك ورزقك إياه ( وبالشارع ) المقتفى ، والمبين المصطفى صلى الله عليه وسلم ( اقتد ) في سائر أقوالك وأفعالك ، فإن ذلك أسلم لك وأقوى لك ، فإنه عليه السلام ما عاب طعاما قط . فقد روى الخمسة لا آكله ولا أحرمه كلوه ، فإنه حلال ولكنه ليس من طعامي ، والحارث بن أبي أسامة عن رضي الله عنه قال { أبي هريرة } ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا سكت عن ، والحاكم مثله إلا أنها قالت إن اشتهاه أكله وإلا تركه " . عائشة
وروى الترمذي في الشمائل عن هند بن أبي هالة رضي الله عنه قال { } . قال في الهدي النبوي : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يذم ذواقا ولا يمدحه أي كان لا يصف الطعام بطيب ، أو فساد إن كان فيه للإمام المحقق : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرد موجودا ولا يتكلف مفقودا ، وما قرب إليه شيء من الطعام إلا أكله إلا أن تعافه نفسه فيتركه من غير تحريم ، وما عاب طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه صلى الله عليه وسلم .