الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في تنحية الإناء عن الفم والشرب ثلاثا : ونح الإناء عن فيك واشرب ثلاثة هو أهنا وأمرا ثم أروى لمن صدي ( ونح ) أي افصل وأبن ( الإناء ) أي الوعاء الذي فيه ماء شربك ( عن فيك ) أي فمك ، اقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وامتثالا لأمره ( واشرب ثلاثة ) أي في ثلاثة أنفاس ( هو ) أي الشرب كذلك ( أهنأ ) للشارب ، والهنيء ، والمهنأ ما أتاك بلا مشقة ، وهو هنيء سائغ ( وأمرأ ) للشارب من غيره قال في القاموس : ومرأ الطعام مثلثة الراء مراءة فهو مريء هنيء حميد المغبة بين المراءة ، وهنأني ومرأني ، وإن أفرد فأمرأني ، يعني أن لفظة مرأني للمشاكلة وإلا فحقيقتها أمرأني وكلأ مريء غير وخيم .

( ثم ) الشرب ثلاث مرات كما وصف ( أروى ) أي أكثر ريا وأحسن ريا ، وهو من الري بكسر الراء غير مهموز ( لمن ) أي لشخص ( صدي ) عطش . وفي الحديث { لتردن يوم القيامة صوادي } أي عطاشا . صدي كرضي ، صدى فهو صد وصاد وصديان ، وهي صديا وصادية إذا كان عطشان .

ودليل ما ذكر ما أخرجه الشيخان عن أنس رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتنفس إذا شرب ثلاثا } زاد مسلم والترمذي { ويقول إنه أروى وأمرأ وأبرأ } وفي رواية لأبي داود أهنأ بدل أروى " .

وروى عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب يوما فشرب في ثلاثة أنفاس ، فقلت : يا رسول الله تشرب الماء في ثلاثة أنفاس ؟ فقال : نعم هو أشفى وأبرأ وأمرأ } .

وروى ابن عدي [ ص: 140 ] عن أنس رضي الله عنه أنه { رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب جرعة ، ثم قطع ، ثم سمى ، ثم جرع ، ثم قطع ، ثم سمى الثالثة ، ثم جرع ، ثم مضى فيه حتى فرغ منه ، فلما شرب حمد الله تعالى عليه } .

وروى ابن عدي أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : { ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب شرابا قط إلا تنفس فيه ثلاثا كلها يقول : بسم الله ، والحمد لله } . .

والطبراني عن أبي هريرة ، وهو ، والبزار عن ابن مسعود رضي الله عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب بثلاثة أنفاس يسمي الله تعالى في أولها إذا أدنى الإناء من فيه ويحمده في آخرها إذا أخره } .

إذا علمت ذلك فينبغي لك الاقتداء بمعدن التقوى وينبوع الهدى ، ولا تشرب كشرب البعير ، بل تنفس خارج الإناء ثلاث مرات ، هذا هو المستحب المسنون .

وصفة ذلك كما قال الإمام المحقق أن تقول بسم الله وتشرب ، ثم تبين الإناء عن فيك وتقول : الحمد لله وتتنفس خارجه كما مر ، ثم تفعل الثانية والثالثة كذلك . إلا أن الشرب في النفس الأول يكون أقل مما بعده ; لأن الأبخرة تتصاعد منه أكثر مما بعده .

قال السامري : بسم الله سبحانه عند كل ابتداء يعني الشارب ، ويحمده عند كل قطع انتهى . .

التالي السابق


الخدمات العلمية