مطلب : في تنحية الإناء عن الفم والشرب ثلاثا : ونح الإناء عن فيك واشرب ثلاثة هو أهنا وأمرا ثم أروى لمن صدي ( ونح ) أي افصل وأبن ( الإناء ) أي الوعاء الذي فيه ماء شربك ( عن فيك ) أي فمك ، اقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وامتثالا لأمره ( واشرب ثلاثة ) أي في ثلاثة أنفاس ( هو ) أي الشرب كذلك ( أهنأ ) للشارب ، والهنيء ، والمهنأ ما أتاك بلا مشقة ، وهو هنيء سائغ ( وأمرأ ) للشارب من غيره قال في القاموس : ومرأ الطعام مثلثة الراء مراءة فهو مريء هنيء حميد المغبة بين المراءة ، وهنأني ومرأني ، وإن أفرد فأمرأني ، يعني أن لفظة مرأني للمشاكلة وإلا فحقيقتها أمرأني وكلأ مريء غير وخيم .
( ثم ) كما وصف ( أروى ) أي أكثر ريا وأحسن ريا ، وهو من الري بكسر الراء غير مهموز ( لمن ) أي لشخص ( صدي ) عطش . وفي الحديث { الشرب ثلاث مرات لتردن يوم القيامة صوادي } أي عطاشا . صدي كرضي ، صدى فهو صد وصاد وصديان ، وهي صديا وصادية إذا كان عطشان .
ودليل ما ذكر ما أخرجه الشيخان عن رضي الله عنه { أنس } زاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتنفس إذا شرب ثلاثا مسلم والترمذي { } وفي رواية ويقول إنه أروى وأمرأ وأبرأ لأبي داود أهنأ بدل أروى " .
وروى عن عبد بن حميد رضي الله عنهما قال : { ابن عباس } . رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب يوما فشرب في ثلاثة أنفاس ، فقلت : يا رسول الله تشرب الماء في ثلاثة أنفاس ؟ فقال : نعم هو أشفى وأبرأ وأمرأ
وروى ابن عدي [ ص: 140 ] عن رضي الله عنه أنه { أنس رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب جرعة ، ثم قطع ، ثم سمى ، ثم جرع ، ثم قطع ، ثم سمى الثالثة ، ثم جرع ، ثم مضى فيه حتى فرغ منه ، فلما شرب حمد الله تعالى عليه } .
وروى ابن عدي أيضا عن رضي الله عنهما قال : { ابن عمر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب شرابا قط إلا تنفس فيه ثلاثا كلها يقول : بسم الله ، والحمد لله } . .
عن والطبراني ، وهو أبي هريرة عن ، والبزار رضي الله عنهما { ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب بثلاثة أنفاس يسمي الله تعالى في أولها إذا أدنى الإناء من فيه ويحمده في آخرها إذا أخره } .
إذا علمت ذلك فينبغي لك الاقتداء بمعدن التقوى وينبوع الهدى ، ولا تشرب كشرب البعير ، بل تنفس خارج الإناء ثلاث مرات ، هذا هو المستحب المسنون .
وصفة ذلك كما قال الإمام المحقق أن تقول بسم الله وتشرب ، ثم تبين الإناء عن فيك وتقول : الحمد لله وتتنفس خارجه كما مر ، ثم تفعل الثانية والثالثة كذلك . إلا أن الشرب في النفس الأول يكون أقل مما بعده ; لأن الأبخرة تتصاعد منه أكثر مما بعده .
قال السامري : بسم الله سبحانه عند كل ابتداء يعني الشارب ، ويحمده عند كل قطع انتهى . .