مطلب : صفة عمامته عليه السلام .
( تنبيهات ) : ( الأول ) : قال أهل السير وغيرهم من العلماء - رحمهم الله ورضي عنهم - : لم تكن عمامة النبي صلى الله عليه وسلم بالكبيرة التي تؤذي حاملها وتضعفه وتجعله عرضة للآفات كما يشاهد من حال أصحابها في هذه الأوقات ، ولا بالصغيرة التي تقصر عن وقاية الرأس من الحر والبرد ، بل كانت وسطا بين ذلك .
قال الحافظ ابن حجر : لا يحضرني لطول عمامة النبي صلى الله عليه وسلم قدر محدود .
وقد سئل عنه الحافظ عبد الغني فلم يذكر فيه شيئا .
[ ص: 246 ] وذكر النووي في فتاويه أنه لم يثبت في مقدار العمامة الشريفة حديث ثم أورد الحديث الذي ذكرناه أولا عن ابن عمر { أنه صلى الله عليه وسلم كان يدير كور العمامة } وقال : هذا يدل على أنها كانت عدة أذرع ، والظاهر : أنها كانت نحو العشرة أو فوقها بيسير .
وقال الحافظ السخاوي في فتاويه : رأيت من نسب لعائشة رضي الله عنها { أن عمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في السفر بيضاء ، وفي الحضر سوداء وكل منهما سبعة أذرع } وقال : هذا شيء ما علمناه .
وقال ابن الحاج في كتابه المدخل : وردت السنة بالرداء والعمامة والعذبة ، وكان الرداء أربعة أذرع ونصفا ونحوها ، والعمامة سبعة أذرع أو نحوها يخرجون منها التلحية والعذبة ، والباقي عمامة على ما نقله الطبري في كتابه .
الثاني قال الإمام المحقق في الهدي : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس العمامة فوق القلنسوة ، ويلبس القلنسوة بغير عمامة ، ويلبس العمامة بغير قلنسوة ، وكان إذا اعتم أرخى طرف عمامته بين كتفيه كما في حديث عمرو بن حريث .
وفي حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { دخل مكة وعليه عمامة سوداء } .
ولم يذكر في حديثه ذؤابة ، فدل على أن العذبة لم يكن يرخيها دائما بين كتفيه .
قال : وقد يقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه أهبة القتال ، والمغفر على رأسه فلبس في كل موطن ما يناسبه .
وقد قدمنا أن النسائي زاد { قد أرخى طرف العذبة بين كتفيه } ولا مخالفة بين هذا الحديث وحديث البخاري عن أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر } ، لاحتمال أن يكون وقت دخوله كان على رأسه المغفر ثم أزاله ولبس العمامة بعد ذلك ، فحكى كل منهما ما رآه ، ويؤيده أن في حديث ابن حريث أنه خطب عند باب الكعبة وذلك بعد تمام دخوله .
وقال بعضهم : يجمع بأن العمامة كانت ملفوفة فوق المغفر أو كانت تحت المغفر وقاية لرأسه من صدى الحديد . .


