مطلب : . فيما ورد في ذم الخدعة
قال الله سبحانه وتعالى في حق المنافقين { يخادعون الله والذين آمنوا } قال البيضاوي : الخدع أن توهم غيرك خلاف ما تخفيه من المكروه لتنزله عما هو بصدده ، من قولهم خدع الضب إذا توارى في جحره ، وضب خادع وخدع إذا أوهم الحارس إقباله عليه ثم خرج من باب آخر وأصله الإخفاء ، ومنه المخدع للخزانة والأخدعان لعرقين خفيفين في العنق . فالمخادعة تكون بين اثنين .
وخداعهم مع الله ليس على ظاهره لأنه لا يخفى عليه خافية ولأنهم لم يقصدوا خديعته ، بل المراد إما مخادعة رسوله على حذف مضاف أو على أن معاملة الرسول معاملة الله من حيث إنه خليفته كما قال { من يطع الرسول فقد أطاع الله } { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله } وأما أن صورة صنعهم مع الله من إظهار الإيمان واستبطان الكفر وصنع الله معهم بإجراء أحكام المسلمين عليهم وهم عنده أخبث الكفار وأهل الدرك الأسفل من النار [ ص: 130 ] استدراجا لهم ، وامتثال الرسول والمؤمنين أمر الله في إخفاء حالهم وإجراء .
حكم الإسلام عليهم مجازاة لهم بمثل صنيعهم صورة صنع المخادعين . وفي القاموس : وإذا خادعوا المؤمنين فقد خادعوا الله . وقال الجلال السيوطي : والمخادعة هنا من واحد كعاقبت اللص وذكر الله فيها تحسين . انتهى .
الخديعة لا تليق بالمؤمنين ، إذ هي تنافي النصح وسلامة الصدور والمودة والمحبة ، وتنبت الإثم والبغي والغل والحسد والحقد .
وأخرج بإسناد صحيح ابن ماجه وغيرهما عن والبيهقي رضي الله عنهما قال { عبد الله بن عمرو } . قيل يا رسول الله أي الناس أفضل ؟ قال كل محموم القلب صدوق اللسان . قالوا صدوق اللسان نعرفه فما محموم القلب ؟ قال هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد
وروى في كتاب الأولياء عن ابن أبي الدنيا الحسن مرسلا قال صلى الله عليه وسلم { إن بدلاء أمتي لم يدخلوا الجنة بكثرة صلاة ولا صوم ولا صدقة لكن دخلوها برحمة الله وسخاوة الأنفس وسلامة الصدور } . .