ويحرم مزمار وشبابة وما يضاهيهما من آلة اللهو والردي ( ويحرم ) لثبوت النهي الصريح بالنقل الصحيح ( مزمار ) وهو ما يزمر به ، يقال زمر يزمر ويزمر زمرا وزميرا وزمر تزميرا غنى في القصب ، وهي زامرة وهو زمار وزامر قليل ، وفعلهما الزمارة كالكتابة ، ومزامير داود ما كان يتغنى به من الزبور وضروب الدعاء ، وجمع مزمار [ ص: 148 ] ومزمور والزمارة كجبانة ما يزمر به كالمزمار ، والمزمار مؤذن الشيطان وصوته .
مطلب : المزمار مؤذن الشيطان .
فقد قال لما أهبط إبليس قال رب لعنتني فما عملي ؟ قال السحر ، قال فما قرآني ؟ قال الشعر ، قال فما كتابي ؟ قال الوشم ، قال فما طعامي ؟ قال كل ميتة وما لم يذكر اسم الله عليه ، قال فما شرابي ؟ قال كل مسكر ، قال فأين مسكني ؟ قال الأسواق ، قال فما صوتي ؟ قال المزامير . قال فما مصائدي ؟ قال النساء . قتادة
قال الإمام ابن القيم في إغاثة اللهفان : المعروف في هذا وقفه . وقد رواه في معجمه من حديث الطبراني أبي أمامة مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وقال في كتاب مصائد الشيطان وحيله : حدثنا ابن أبي الدنيا أبو بكر التميمي حدثنا حدثنا ابن أبي مريم يحيى بن أيوب حدثنا ابن زعر عن عن علي بن زيد القاسم عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { } . إن إبليس لما أنزل إلى الأرض قال يا رب أنزلتني إلى الأرض وجعلتني رجيما فاجعل لي بيتا ، قال الحمام ، قال فاجعل لي مجلسا ، قال الأسواق ومجامع الطرق . قال فاجعل لي طعاما ، قال كل ما لم يذكر اسم الله عليه ، قال فاجعل لي شرابا ، قال كل مسكر ، قال فاجعل لي مؤذنا ، قال المزمار ، قال اجعل لي قرآنا ، قال الشعر ، قال اجعل لي كتابا ، قال الوشم ، قال اجعل لي حديثا ، قال الكذب ، قال اجعل لي رسلا ، قال الكهنة ، قال اجعل لي مصائد ، قال النساء
قال الإمام ابن القيم : وشواهد هذا الأثر كثيرة ، فكل جملة منه لها شاهد من السنة أو من القرآن ، ثم قال : وكون المزمار مؤذنه في غاية المناسبة ، فإن الغناء قرآنه ، والرقص والتصفيق اللذين هما المكاء والتصدية صلاته ، فلا بد لهذه الصلاة من مؤذن وإمام ومأموم ، فالمؤذن المزمار ، والإمام المغني ، والمأموم الحاضرون .
وروى الترمذي عن رضي الله عنه قال { جابر إلى النخل ، فإذا ابنه عبد الرحمن بن عوف إبراهيم يجود بنفسه [ ص: 149 ] فوضعه في حجره ففاضت عيناه ، فقال عبد الرحمن : تبكي وأنت تنهى الناس ؟ فقال إني لم أنه عن البكاء وإنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين ، صوت عند نعمة لهو ولعب ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة . وهذا هو رحمة ، ومن لا يرحم لا يرحم . لولا أنه أمر حق ووعد صدق وأن آخرنا سيلحق أولنا لحزنا عليك أشد من هذا ، وإنا بك لمحزونون . تبكي العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب } قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع الترمذي : هذا حديث حسن .
وفي الصحيحين عن رضي الله عنها قالت { عائشة أبو بكر فانتهرني وقال مزمار الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال دعهما ، فلما غفل غمزتهما فخرجتا } ولم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث ، فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبي بكر تسمية الغناء مزمار الشيطان وإنما أقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهما جاريتان غير مكلفتين يغنيان بغناء الأعراب في الذي قيل في يوم حرب بعاث من الشجاعة والحرب ، وكان اليوم يوم عيد .
وفي مسند الإمام عن أحمد أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { } يعني البرابط والمعازف والأوثان التي كانت تعبد في الجاهلية . ( و ) يحرم أيضا ( شبابة ) وهي اليراع من جملة آلات اللهو ( و ) يحرم أيضا ( ما ) أي الذي ( يضاهيهما ) أي يشابههما ويماثلهما من آلات اللهو ، يقال ضاهاه شاكله . إن الله بعثني رحمة وهدى للعالمين ، وأمرني أن أمحق المزامير والكبارات
ونبه الناظم بتحريم الأخف على تحريم الأشد من باب أولى . قال في إغاثة اللهفان : إذا كان الزمر الذي هو أخف آلات اللهو حراما فكيف بما هو أشد منه كالعود والطنبور . قال ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم ذلك . وأقل ما فيه أنه من شعار الفساق وشاربي الخمور . ونصوص الإمام رضي الله عنه صريحة بتحريم أحمد [ ص: 150 ] يعني الحرام . قال في الفروع : وتحرم كل ملهاة سوى الدف كمزمار وطنبور ورباب وجنك . المزمار والشبابة ونحوهما ( من ) كل ( آلة اللهو و ) آلة الفعل ( الردي )
قال في المستوعب والترغيب : سواء استعمل لحزن أو سرور . وسأله عن ابن الحكم قال أكرهه . ونص رضي الله عنه على النفخ في القصبة كالزمارة إذا رآها مكشوفة وأمكنه كسرها . ويأتي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فالمذهب تحريم آلات اللهو إسماعا واستماعا وصنعة ونحو ذلك . قال كسر آلات اللهو كالطنبور وغيره الناظم :