الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
وأما التفريط في العلم فيشمل الكذب فيه ، وعدم العمل به ، وتعليمه لمن ليس بأهل له ، وعدم صيانة ناموسه فيه .

فأما الكذب فقد قال الله تعالى { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا } والآيات في ذلك كثيرة .

وفي البخاري ومسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال { من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار } هذا روي عن عدة من الصحابة حتى بلغ مبلغ التواتر .

وفي صحيح مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين الكاذبين } .

وأما عدم العمل به فقد قال تعالى { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } .

وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان [ ص: 56 ] يقول { اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها } رواه مسلم والترمذي والنسائي .

وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيدور بها كما يدور الحمار برحاه - فتجتمع أهل النار عليه فيقولون يا فلان ما شأنك أليس كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن الشر وآتيه } .

وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم { مررت ليلة أسري بي بأقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، قلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون } .

وروي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { الزبانية أسرع إلى فسقة القراء منهم إلى عبدة الأوثان ، فيقولون يبدأ بنا قبل عبدة الأوثان ؟ فيقال لهم ليس من يعلم كمن لا يعلم } رواه الطبراني وأبو نعيم وقال غريب . قال الحافظ المنذري : ولهذا الحديث مع غرابته شواهد .

وعن صهيب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما آمن بالقرآن من استحل محارمه } رواه الترمذي وقال ليس بالقوي .

وقد قال صلى الله عليه وسلم { لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه فيم فعل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه } رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .

وقال صلى الله عليه وسلم { رب حامل فقه غير فقيه ، ومن لم ينفعه علمه ضره جهله . اقرأ القرآن ما نهاك فإن لم ينهك فلست تقرؤه } رواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عمر وفيه شهر بن حوشب وثقه الإمام أحمد وابن معين والعجلي والنسوي ، وروى له مسلم مقرونا ، واحتج به غير واحد وجرحه آخرون .

التالي السابق


الخدمات العلمية