الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : يقتل الكلب العقور وإن الكلب الأسود البهيم يتميز على الكلاب بثلاثة أحكام .

قال الإمام الزاهد سيدنا عبد القادر قدس الله روحه في الغنية : الكلب العقور يحرم اقتناؤه قولا واحدا ، ويجب قتله لدفع شره عن الناس ، وقال أبو البركات : الكلب الأسود البهيم يتميز عن بقية الكلاب بثلاثة أحكام : قطع الصلاة بمروره ، وتحريم صيده واقتنائه ، وجواز قتله . قال في الآداب الكبرى : البهيم الذي لا يخالط سواده شيء من البياض في إحدى الروايتين حتى لو كان بين عينيه بياض فليس ببهيم ولا تعلق به هذه الأحكام ، هذا قول ثعلب ، والرواية الأخرى بهيم ، وإن كان بين عينيه بياض ، وهو الصحيح لما روى مسلم عن جابر مرفوعا : { عليكم بالأسود البهيم ذي الطفيتين ، فإنه شيطان } .

الطفية خوص المقل شبه الخطين الأبيضين منه بالخوصتين ، فإن كان البياض منه في غير هذا الموضع ، فليس ببهيم رواية واحدة ; لأنه مقتضى الاشتقاق ولم يرد [ ص: 44 ] فيه نص بخلافه ، وهل يقتل الكلب العقور ، والأسود البهيم وجوبا كما صرح به الموفق أو استحبابا ، أو إباحة ، أقوال آخرها أصحها . قال في الإقناع بعد ذكر الحية ، والفأر ، والكلب العقور ونحوها : يستحب قتلها وقتل كل ما كان طبعه الأذى ، وإن لم يوجد منه أذى كالأسد والنمر والذئب ، والفهد وما في معناها انتهى .

وقدم في الآداب الكبرى يباح قتل الكلب العقور ، والأسود البهيم ، والوزغ ، كذا قاله غير واحد قال : وليس مرادهم حقيقة الإباحة ، والتعبير بالاستحباب أولى ، وقطع به في المستوعب في محظورات الإحرام ، وكذا كل ما فيه أذى في الحرم وغيره . قالت عائشة رضي الله عنها { : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل خمس فواسق في الحل ، والحرم : الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأر ، والكلب العقور } . رواه البخاري ومسلم .

وروى مسلم من حديث ابن عمر مرفوعا { لا جناح على من قتلهن في الحرم } ، والإحرام ، وعبر بالاستحباب جماعة ممن تكلم على الأحاديث .

وذكر الأصحاب إباحة قتل الكلب العقور ، والأسود البهيم في غير موضع ، وصرح الإمام الموفق وغيره ، وإن كانا معلمين ، فإنه قال : وأما قتل ما لا يباح إمساكه من الكلاب بأن كان أسود بهيما ، أو عقورا أبيح قتله ، وإن كانا معلمين قال : وعلى قياس الكلب العقور كل ما آذى الناس وضرهم في أنفسهم وأموالهم ، ثم صرح الموفق بوجوب قتل الكلب العقور ، والأسود البهيم .

قال أبو الخطاب : الأمر بالقتل يقتضي النهي عن إمساكه وتعليمه والاصطياد به ، وقد علمت أن المذهب عدم حل صيد الأسود البهيم والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية